منهـــــج ذوى الـنـظــــــــر
تأليف
الشيخ محمد محفوظ بن عبد الله الترمسى
المتوفى 1919 م
شرح منظومة علم الأثر
للحافظ جلال الدين عبد الله السيوطى
المتوفى 911 ه
القطعة الثالثة
من المخطوطة فى معهد المسرع السنجورى الجاوى الغربية
1431 ه ----- 2010 م
بســـــــم الله الرحمن الرحيم | |||
465- | وَبَعْضُهُمْ يَكْتُبُ"لا"أَوْ "مِنْ"عَلَى | | أَوَّلِهِ أَوْ " زَائِدًا " ثُـمَّ " إِلَى " |
466- | وَإِنْ يَكُ الضَّرْبُ عَلَى مُكَرَّرِ | | فَالثَّانِيَ اضْرِبْ فِي ابْتِدَاءِ الأَسْطُرِ |
467- | وَفِي الأَخِيرِ : أَوَّلاً أَوْ وُزِّعَـا | | وَالْوَصْفَ وَالُمضَافَ صِلْ لاتَقْطَعَا |
468- | وَحَيْثُ لا وَوَقَعَا فِي الأَثْنَـا: | | قَوْلانِ : ثَانٍ ، أَوْ : قَلِيلٌ حُسْنَا |
469- | وَ ذُو الرِّوَايَاتِ يَضُمُّ الزَائِـدَهْ | | مُؤَصِّـلاً كِتَابَـهُ بِوَاحِـدَهْ |
470- | مُلْحِقَ مَا زَادَ بِهَامِـشٍ وَمَـا | | يَنْقُصُ مِنْهَـا فَعَلَيْـهِ أَعْلَمَـا |
(أو عرا) التحويق قى الاثناء، بل يكتفي به فىالأول والآخر فقط. (و بعضهم يكتب) على الزائد كلمة (لا) النافية (أو) كلمة (من) الجارة ( على . أوله ) أى الزائد (أو) كلمة (زائدا ثم) يكتب كلمة (إلى) الجارة فى آخر ذلك . قال ابن الصلاح : و مثل هذا فيما صح فىرواية و سقط فى رواية أخرى . قال المصنف : وعلى هذا أيضا إذا كثر المضروب عليه إما أن يكتفى بعلامة الإبطال أوله و آخره ، أو يكتب له على أول كل سطر و آخره وهو أوضح . هذا كله فى زائد غير مكرر (و) أما(إن يك الضرب على) زائد (مكرر) مرتين مثلا (ف)اللفظ (الثانى اضرب) عليه إذا كانا (فى ابتداء الأسطر.و)إن كانا (فىالأخير) أىآخر الأسطر فاضرب لفظا(أولا)منهماحفظا لأوائل السطور وأواخرها عن الطمس(أو)كان المكرر(وزعا) بأن اتفق أن أحدهما آخر السطر والآخر أوله، فيضرب على الذى فى آخر السطر ، لأن أول السطر أولى بالمراعاة (و) ان كان التكرر فى الصفة أو الموصوف أو فى المضاف أوالمضاف اليه ونحو ذلك لم يراع حينئذ أول السطر ولا آخره،بل(الوصف) صلة بموصوفه (والمضاف) إليه (صل)ه بالمضاف ، و(لاتقطعا) أى لاتفصل بالضرب بينهما ، وإنماتضرب علىالأول فى الموصوف أو المضاف ، وعلى الآخر فىالوصف أو المضاف اليه ، لأن ذلك مضطراليه للفهم ، فمراعاته أولى من مراعاة تحسين الصورة (و حيث لا) يكون التكرر فى نحوالوصف (و) قد (وقع) أى المكرران ( فى الأثنا ) ء أى أثناء السطور ، لا فى أوائلها ولا أواخرها ففيه ( قولان ) حكاهما الرامهرمزى : أحدهما بضرب (ثان) من المكررين دون الأول لأنه كتب على الصواب ، فالخطأ أولى بالإبطال (أو) أى والقول الثانى يضرب (قليل حسنا) وان كان أولا دون كثير الحسن وان كان ثانيا ، لأن الكتاب علامة لما يقرأ ، فأولى الحرفين بالإبقاء أدلهما عليه وأجودهما صورة . قال فى التدريب : هكذا حكا ابن خلاد أى الرامهرمزى القولين من غير مراعاة لأوائل السطور و أواخرها . و للفصل المتضايفين و نحو ذلك . قال ابن الصلاح : و جاء القاضى عياض آخرا ففصل تفصيلا حسنا ، ثم ذكر ما تقدم فى النظم والله أعلم (و) ينبغى للمحدث أن يعتنى بضبط مختلف الروايات و تمييزها ف(ذو الروايات) الكثيرة المختلفة (يضم) الرواية (الزائده) حال كونه (موصلا كتابه ب) رواية (واحده) فيجعل متن كتابه على رواية خاصة حال كونه (ملحقا ما زاد) من رواية أخرى (بهامش) أى حاشية . قال فى القاموس : الهمش الجمع . و همش كضرب و علم : أكثر الكلام فى غير الصواب ، و الهامش حاشية الكتاب مولد الخ ملخصا (و ما . ينقص منها) أى من | |||
471- | مُسَمِّيًـا أَوْ رَامِـزًا مُبَيِّـنَـا | | أَوْ ذَا وَ ذَا بِحُمْـرَةٍ وَ بَيَّـنَـا |
472- | وَكَتَبُوا " حَدَّثَنَا " " ثَنَا " " وَنَا " | | وَ " دَثَنَا " ثُمَّ " أَنَا " " أَخْبَرَنَا " |
473- | أَوْ " أَرَنَا " أَوْ " أَبَنَا " " أَخَنَا " | | " حَدَّثَنِي " قِسْهَا عَلَى " حَدَّثَنَا " |
474- | وَ"قَالَ" "قَافًا" مَعْ "ثَنَا" أَوْ تُفْرَدُ | | وَحَذْفُهَا فِي الْخَطِّ أَصْلاً أَجْوَدُ |
الرواية الأخرى (فعليه يعلما) أى وضع على كتابه علامة ، و كذا خلاف الرواية حال كونه . (مسميا) أى معينا فى كل ذلك بتمام اسمه من غير رمز عليه (أو رامزا) له بحرف أو حرفين من اسمه حال كونه (مبينا) مراده بذلك الرمز فى أول الكتاب أو فى آخره كما تقدم . قال ابن الصلاح : كيلا يطول عهده به فينساه أو يقع كتابه إلى غيره ، فيقع من رموزه فى حيرة و عمى ، واكتفى بعضهم فى التمييز بأن خص الرواية الملحقة الحمرة ، و إليه أشار بقوله (أو ذا) الزائد من الرواية الأخرى (و ذا) الناقص منها بعلمان (بحمرة) أو نحوها مما يخالف مداد الكتاب (و) قد (بينا) ذلك أوله أو آخره . قال ابن الصلاح : فعل ذلك أبو ذر الهروى من المشارقة ، و أبو الحسن القابسى من المغاربة مع كثير من المشايخ و أهل التقييد ، فإذا كان فى الرواية الملحقة زيادة على التى فى متن الكتاب كتب بالحمرة و ان كان فيها نقص ، و الزيادة فى الرواية التى فى متن الكتاب حوق عليها ، ثم على ذلك تبيين من له الرواية المعلمة بالحمرة كما سبق ، و الله أعلم . ثم بين ما وقع فيه الإقتصار فى خط صيغ الأداء و غيره فقال (و كتبوا) أى أهل الحديث اقتصارا فى الخط على الرمز فى (حدثنا) الثاء و النون و الألف و حذفوا الحاء و الدال صورته (ثنا ، و) ربما حذفوا الثاء أيضا صورته (نا . و) ربما حذفوا الحاء فقط صورته (دثنا) . قال ابن الصلاح : و ممن رأيت من خطه الدال فى علامة حدثنا الحافظ ابو عبد الله الحاكم و أبو عبد الرحمن السلمى و الحافظ أحمد البيهقى رضى الله تعالى عنهم (ثم) كتب (أنا) بالهمزة ، و الضمير فى رمز (أخبرنا ، أو) كتبوا مكانه (أرنا) بزيادة راء بعد الألف و قبل النون (أو أبنا) بزيادة باء كذلك (أو أخنا) بزيادة خاء بعد الهمزة قال المصنف كما وجد فى خط المغاربة ، و أما (حدثنى) ف(قسها على حدثنا) فتكتب ثنى و دثنى دون أخبرنى و أنبأنا و أنبأنى ، قاله فى التدريب ، و كل ذلك شائع بحبث لا يكاد يلتبس على غالب الطلبة (و) كتبوا (قال) أى رمزا لها (قافا) ثم اختلفوا فبعضهم بجمعها (مع) أداة التحديث كحد (ثنا) فصارت قثنا . فالقاف رمز لقال ، و ثنا لحدثنا ، فمراده قال حدثنا ، و على قياسه قثنى (أو) أى و بعضهم (تفرد) أى القاف عن ثنا ، فتكون صورته ق ثنا (و) لكن (حذفها) أى القاف (فى الخط أصلا) أى مرة واحدة (أجود) من إثباتها فيه ، فقد قال الحافظ العراقى فى الثانى أنه اصطلاح متروك ، و فى الأول أنه قد توهم بعض من رآها هكذا أنها الواو التى بعد حاء التحويل و ليس كذلك . و قال ابن الصلاح : جرت العداة بحذف قال ، و لا بد من النطق بها حال القرائة ، . | |||
475- | وَكَتَبُوا "حَ " عَنْدَ تَكْرِيرِ سَنَـدْ | | فَقِيلَ:مِنْ "صَحَّ" وَقِيلَ:ذَا انْفَرَدْ |
476- | مِنَ الْحَدِيثِ ، أَوْ لِتَحْوِيلٍ وَرَدْ | | أَوْ حَائِلٍ ، وَقَوْلُهَا لَفْظًا أَسَـدّ |
477- | وَكَاتِـبُ التَّسْمِيـعِ فَلْيُبَسْمِـلِ | | وَيَذْكُرِ اسْمَ الشَّيْخِ نَاسِبًا جَلِـي |
478- | ثُـمَّ يَسُـوقُ سَنَـدًا وَمَتْنَـا | | لآخِـرٍ ، وَلْيَتَجَانَـبْ وَهْنَـا |
و سيأتى تحقيقه فى النوع الذى بعد هذا (و كتبوا) أى أهل الحديث (ح) و هى حاء مفردة مهملة (عند تكرير سند) أى فيما إذا كان للحديث إسنادان فأكثر : و جمعوا بينهما فى متن واحد ، و أريد الإنتقال من سند إلى آخر . قال ابن الصلاح : لم يأتنا عن أحد ممن يعتمد بيان لأمرها ثم ذكر ما تضمنه قول المصنف (فقيل) إنها مختصرة (من صح) فقد وجد بخط الحافظ أبى عثمان الصابونى و أبي مسلم عمر بن على الليثى و أبى سعد الخليلى فى مكانها صح بدلا عنها . قال : و هذا يشعر بكون ((ح)) رمزا إلى صح . و حسن إثبات صح هنا لئلا يتوهم أن حديث هذا الاسناد سقط ، و لئلا يركب الاسناد الثانى على الاسناد الأول فيجعلا إسنادا واحدا (و قيل) إن (ذا) أى ح (انفرد من الحديث) فهو رمز إلى قولهم الحديث ، و عبارة ابن الصلاح ذاكرت فيها بعض أهل العلم من أهل المغرب . و حكيت له عن بعض من لقيت من أهل الحديث أنها حاء مهملة إشارة إلى قولنا الحديث ، فقال أهل المغرب : و ما عرفت بينهم إختلافا يجعلونها حاء مهملة ، و يقول أحدهم : إذا وصل إليها الحديث (أو لتحويل) من إسناد إلى إسناد (ورد) قوله بذلك ، و اختاره النووى ، عبارته فى شرح مسلم : المختار أنها مأخوذة من التحول لتحوله من إسناد إلى إسناد (أو) حاء من لفظ (حائل) نقله ابن الصلاح عن الحافظ الرهاوى فإنه سأله عن ذلك فذكره . قال : و لا يلفظ بشىء عند الإنتهاء إليها فى القرائة ، و أنكر كونها من الحديث و غير ذلك ، و لم يعرف غير هذا عن أحد من مشايخه ، و فيهم عدد كانوا حفاظ الحديث فى وقته (و) لكن (قولها) أى النطق يها (لفظا) عند الإنتهاء إليها و يستمر فى قرائة ما بعدها (أسد) و أحوط كما اختاره اين الصلاح و النووى و غيرهما ، وعليه عملنا و عمل مشايخنا فى الحرمين . قال الإمام النووى فى شرح مسلم : ثم هذه الحاء توجد فى كتب المتأخرين كثيرا و هى كثيرة ، جدا فى صحيح مسلم قليلة فى صحيح البخارى . فيتأكد احتياج صاحب هذا الكتاب ، أى صحيح مسلم إلى معرفتها ، و قد أرشدناه إلى ذلك ، و لله الحمد و النعمة و الفضل و المنـة . ثم بين ما ينبغى لمن كتب التسميع ، فقال (و كاتب التسميع) أى أى شخص كتب التسميع (فليـبسمل) أى ليكتب بســم الله الرحمـن الرحـيـم ، و يتلفظ بها أيضا فى أول الكتابة (و) لـ(يذكر) بعدها (اسم الشيخ) المسمع (ناسبا جلى) أى ذاكرا لنسبه و كنيته (ثم يسوق) بعده (سندا) . قال الخطيب : و صورة ذلك : حدثنا أبو فلان فلان بن الفلانى قال حدثـنا فلان إلخ (و متنا . لآخر) على لفظـه (و ليتحانب) أى الكاتب (و هنا) أى ضعفا . فالمتعين على كاتب التسميع التحرى و الاحتياط و بيان السامع و لمسمع و لمسموع بلفظ غير مختمل و مجانبة . | |||
| | | |
479- | وَيَكْتُبُ التَّأْرِيخَ مَعْ مَنْ سَمِعُوا | | فِي مَوْضِعٍ ما ، وَابْتِدَاءً أَنْفَـعُ |
480- | وَلْيَكُ مَوْثُوقًا ، وَلَـوْ بِخَطِّـهِ | | لِنَفْسِـهِ ، وَعَدَّهُـمْ بِضَبْطِـهِ |
481- | أَوْ ثِقَةٍ ، وَالشَّيْخُ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى | | تَصْحِيحِهِ،وَحَذْفُ بَعْضٍ حُظِلا |
482- | وَمَنْ سَمَاعُ الْغَيْرِ فِي كِتَابِـهِ | | بِخَطِّهِ أَوْ خُـطَّ بِالرِّضَى بِـهِ |
483- | نُلْزِمُـهُ بِأَنْ يُعِيـرَهُ ، وَمَـنْ | | بِغَيْرِ خَـطٍّ أَوْ رِضَاهُ فَلْيُسَـنّ |
التساهل فيمن يثبتـه . (و يكتب) كاتب التسميع (التاريخ) أى تاريخ وقت السماع (مع) أسماء (من سمعوا) كلهم و أنسابـهم (فى موضع ما) أى فى أى موضع كان (و) لكن كونه (ابتـداء) أى فى ابتـداء الكتاب (أنفع من غيره) عبارة ابن الصلاح عن الخطيب ، و إذا كتب الكتاب المسموع فينبغى أن يكتب فوق سطر التسمية أسماء من سمع معه و تاريخ وقت السماع ، و ان أحب كتب ذلك فى حاشية أول ورقة من الكتاب كما قد قعله شيوخنا . قال ابن الصلاح : كتبه التسميع حبث ذكرها أحوط له و أحرى بأن لا يخـفى على من يحتاج إليه ، و لا بأس بكتبه آخر الكتاب و فى ظهره . و حيث لا يخـفى موضعه (وليك) كاتب التسميع (موثوقا) به غير مجهول الخط (ولو) كان ذلك (بخطه لنـفسه) فلا بأس أن يكتب سماعه بخط نـفسه إذا كان ثقة ، و كثيرا ما فعله الثقات . قال ابن الصلاح : و قد قرأ عبد الرحمن بن منده جزءا على أبى أحمد الفرضى ، و سأله خطه ليكون حجة له ، فقال له : يا بنى عليك بالصدق فإنك إذا عرفت به لا يكذبك أحد ، أو تصدق فيما تقول و تـنقل ، و إذا كان غير ذلك ، فلو قيل لك أفهذا خط أبى أحمد الفرضى ما ذا تقول لهم (و) ليك الكاتب قد (عدهم) أى السلمعين واحدا فواحدا (بضبطه) لأسمائهم و كناهم و أنسابـهم (أو بضبط (ثقة) غيره ، فإذا لم يحضر مثبت السماع ما سمع فله أن يعتمد فى إثباته قى حضورهم على خبر ثقة حضر ذلك (و الشيخ لم يحتج إلى . تصحيحه) فلا يضر حيث كان الكاتب موثوقا به أن لا يكتب الشيخ المسمع خطه بالتصحيح (و حذف بعض) ممن ثبت سماعه فى ذلك الكتاب (حظلا) أى منع منه ، فلا يجوز كتمانه إياه و منعه نقل سماعه من الكتاب أو نسخه ، فقد قال سفيان الثورى : من بخل بالعلم ابتلى باحدى ثلاث : أن ينساه أو يموت و لا ينتفع به أو تذهب كتبه ، و قال وكيع : أول بركة الحديث إعارة الكتب . و قال المصنف . و قد ذم الله تعالى مانع العارية بقوله عز من قائل : و يمنعون الماعون . و إعارة الكتب أجل من الماعون (و من) أى كل أحد من أهل الحديث و غيره (سماع الغير) مثبت (فى كتابه . بخطه) أى صاحب الكتاب نفسه (أو) لم يكن بخطه ، لكن (خط) سماع الغير فى ذلك الكتاب (بالرضى) منه (به) أى بكتابة ذلك السماع فنحن أيها العلماء (نلزمه) أى صاحب الكتاب (بِأَنْ يُعِيـرَهُ) أى الغير ذلك الكتاب (وَمَـنْ) أثبت سماعه فيه (بِغَيْرِ خَـطٍّ) من صاحب الكتاب (أَوْ) أى و لا بـ(رِضَاهُ) بذلك (فَلْيُسَـنّ) إعارته ، و هذا التفصيل منقول عن القاضى حفص بن غياث من كبار الحنفية و القاضى إسماعيل المالكى و أبى عبد الله . | |||
484- | وِلْيُسْرِعِ الْمُعَـارُ ثُـمَّ يَنْقُـلُ | | سَمَاعَهُ مِنْ بَعْدِ عَرْضٍ يَحْصُلُ |
| صفة رواية الحديث | ||
485- | وَمَنْ رَوَى مِنْ كُتُبٍ وَقَدْ عَرِي | | حِفْظًا أَوِ السَّمَاعَ لَمَّـا يَذْكُـرِ |
الزبيرى الشافعى ، و صوبه النووى ، روى الرامهرمزى أن رجلا ادعى على رجل بالكوفة سماعا منه فـتحاكما إلى القاضى بن غياث المذكور ، فقال لصاحب الكتاب : أخرج إلينا كتبك فما كان من سماع هذا الرجل بخط يدك ألزمناك ، و ما كان بخطه أعفيناك عنه . قال الرامهرمزى : فسألت أبا عبد الله الزبيرى عن هذا فقال : لا يجىء فى هذا الباب حكم أحسن من هذا ، لأن خط صاحب الكتاب دال على رضاه بإسماع صاحبه معه ، و روى الخطيب عن القاضى إسماعيل المالكى أنه تحوكم إليه فى ذلك فأطرق مليا ثم قال للمدعى عليه : إن كان سماعك بخطك فليزمك أن تعيره و إن كان سماعه فى كتابك بخط غيرك فأنت أعلم . قال ابن الصلاح : قد تعارضت أقوالهم فى ذلك ، و يرجع حاصلها إلى أن سماع غيره إذا ثبت فى كتابه برضاه فليزمه إعارته اياه ، و قد كان لا يتبين لى وجهه ، ثم وجهته بأن ذلك بمنزلة شهادة له عنده فعليه أدائها بما حوته ، و إن كان فيه بذل ماله كما يلزم لمتحمل الشهادة أدائها ، و إن كان فيه بذل نفسه بالسعى إلى مجلس الحكم ، و وجه السراج البلقينى ذلك بأنه من المصالح العامة التى يحتاج إليها مع حصول علقة بين المحتاج و المحتاج إلبه تقتضى إلزامه بإسعافه فى مقصده ، قال : و أصله إعارة الجدار لوضع جذوع الجار عليه و قد ثبت ذلك فى الصحيحين . و قال بوجوب ذلك جمع من العلماء و هو أحد قولى الشافعى ، فإذا كان يلزم الجار بالعارية مع دوام الجذوع فى الغالب ، فلأن يلزم صاحب الكتاب مع عدم دوام العارية أولى (و) إذا أعاره الكتاب فـ(لْيُسْرِعِ الْمُعَـارُ) أى المستعير برده ، و لا يبطىء على المالك بكتابه إلا بقدر حاجته . قال ابن شهاب . إياك و غلول الكتب ، قيل و ما غلولها ؟ قال حسبها عن أصحابـها و قال أبو على الفضيل بن عياض : ليس من عمل أهل الورع و لا من أفعال العلماء أن يأخذ سماع رجل و كتابه فيسبه عليه ، و من فعل ذلك فقد ظلم نفسه ( ثُـمَّ) إذا نسخ الكتاب فلا ( يَنْقُـلُ . سَمَاعَهُ) إلى نسخته إلا ( مِنْ بَعْدِ عَرْضٍ ) و مقابلة ( يَحْصُلُ) و يرضى . قال ابن الصلاح و هكذا لا ينبغى لأحد أن ينقل سماعا إلى شىء من النسخ أو يثبته فيما عند السماع ابتداء إلا بعد المقابلة المرضية بالمسموع كيلا يغتر أحد بتلك النسخة غير المقابلة إلا أن يـبـين مع النقل ، و عنده كون النسخة غير مقابلة ، و الله أعلم . صفة روابة الحـديث و آذابـها و ما يتعلق بـها ، و هو النوع التاسع و الثلاثون و قد نقدم بيان كثير من ذلك فى ضمن النوعين و غيرهما كألفاظ الأداء ( وَمَنْ رَوَى) حديثا (مِنْ كُتُبٍ) مصنفة فيه ( وَ ) الحال أنه ( قَدْ عَرِي . حِفْظًا ) لذلك الحديث فضلا عن الكتب (أَوِ) روى منها . الحال أنه ( السَّمَاعَ لَمَّـا ) بتشديد الميم أخت لم الجازمة ( يَذْكُـرِ ) أى بأن . | |||
486- | أَوْ غَابَ أَصْلٌ إِنْ يَكُ التَّغْيِيرُ | | يَنْـدُرُ أَوْ أُمِّـيٌّ اْوْ ضَرِيـرُ |
487- | يَضْبِطُهُمَا مُعْتَمَـدٌ مَشْهُـورُ | | فَكُلَّ هَـذَا جَـوَّزَ الْجُمْهُـورُ |
488- | وَمَنْ رَوَى مِنْ غَيْرِ أَصْلِهِ بِأَنْ | | يَسْمَعَ فِيهَا الْشَّيْخُ أَوْ يُسْمِعَ: لَنْ |
489- | يُجَـوِّزُوهُ ، وَرَأَى أَيُّـوبُ | | جَـوَازَهُ وَفَصَّـلَ الْخَطِيـبُ: |
490- | إِنْ اطْمَـأَنَّ أَنَّهَـا الْمَسْمُـوعُ | | فَإِنْ يُجِـزْهُ يُبَـحِ الْمَجْمُـوعُ |
وجد سماعه ، و لكن غير ذاكر سماعه لذلك الحديث . ( أو ) روى حديثا و قد ( غَابَ أَصْلٌ ) أى كتابه عنه ( إِنْ يَكُ التَّغْيِيرُ ) و التبديل ( يَنْـدُرُ) بأن كان الغالب على الظن من أمره سلامته من ذلك ، و لا سيما إذا كان ممن لا يخفى عليه غالبا ( أَوْ ) روى ( أُمِّـيٌّ ) أى جاهل بصير ( اْوْ ضَرِيـرُ ) أى أعمى غير حافظ لما سمعه ، و لكن إن ( يَضْبِطُهُمَا ) أى الأمى و الضرير ( مُعْتَمَـدٌ مَشْهُـورُ ) بأن استعانا به فى ضبط سماعهما و حفظ كتابـهما عن التغيـير ، و احتياطا عند القرائة عليه بحيث يغلب علىالظن السلامة من التغيـير ( فَكُلَّ هَـذَا ) الذى ذكرناه ( جَـوَّزَ الْجُمْهُـورُ ) و صوبه جماعة من المحققين لتوسطه بين الإفراط و التفريط ، قالوا ما ملخصه : شدد قوم فى الرواية فأفرطوا ، و تساهل فيها آخرون ففرطوا ، فمن مذاهب أهل التشديد مذهب من قال : لا حجة إلا فيما رواه الراوى من حفظه و تذكره ، و منها مذهب من أجاز الإعتماد فى الرواية ، غير أنه لو أعار كتابه و أخرجه من يده لم ير الرواية منه لغيبته عنه ، و من مذاهب أهل التساهل ما تقدم ذكره و رده فى وجوه التحمل ، و منها مذهب قوم من أنـهم إذا سمعوا كتبا مصنفة رووها من غير مقابلة بأصول ، فجعلهم الحاكم من المجروحين ، و ممن نسب إليه التساهل ابن لـهيعة فإنه مع جلالته كان الرجل يأتيه بالكتاب فيقول : هذا من حديثك فيحدثه به مقلدا له ، و الصواب ما تقرر عن الجمهور من التوسط ، إذ خير الأمور الوسط ، و ما عداه شطط ، فإذا قام الراوى فى التحمل و المقابلة بما تقدم من الشروط فيهما جازت الرواية من الكتاب ، و إن غاب عنه حيث كان الأغلب على الظن من أمره سلامته من نحو التغيير ، و لا سيما اذا كان ممن لا يخفى عليه التغيير غالبا ، و ذلك لأن الإعتماد فى باب الرواية على غالب الظن ، فإذا حصل أجزأه و لم يشترط مزيد عليه ، و الله أعلم ( وَمَنْ رَوَى ) أى أراد الرواية من نسخة ( مِنْ غَيْرِ أَصْلِهِ بِأَنْ ) لم يكن فيها سماعه و لا هى مقابلة ، و ( يَسْمَعَ فِيهَا) أى النسخة (الْشَّيْخُ) على الشيخ الأعلى ( أَوْ يُسْمِعَ) على الشيخ الذى هو عليه فى نسخة خلافها ، أو كتبت عن شيخه ، و سكنت نفسه إليها (لَنْ . يُجَـوِّزُوهُ ) أى لم يحكموا له بجواز الرواية من تلك النسخة . قال ابن الصلاح : قطع به الامام أبو نصر بن الصباغ ، إذ لا يؤمن أن يكون فيها زوائد ليست فى نسخة سماعه (وَرَأَى) الامام ( أَيُّـوبُ ) بن تميمة السختيانى و محمد ابن بكر البرسانى ( جَـوَازَهُ) ترخيصا فى الرواية ( وَفَصَّـلَ ) الحافظ أبو بكر أحمد بن على بن ثابت (الْخَطِيـبُ) البغدادي حيث قال : الذى يوجبه النظر أنه متى عرف أن هذه الأحاديث هى التى سمعها من الشيخ جاز له أن يرويها عنه (إِنْ اطْمَـأَنَّ) قلبه (أَنَّهَـا) أى تلك الأحاديث . و الأولى .. | |||
491- | مَنْ كَتْبَهُ خِلافَ حِفْظِهِ يَجِـدْ | | وَحِفْظَهُ مِنْهَا : الْكِتَابَ يَعْتَمِـدْ |
492- | كَذَا مِنَ الشَّيْخِ وَشَكَّ ، وَاعْتَمَدْ | | حِفْظًا إِذَا أَيْقَنَ ، وَالْجَمْعُ أَسَدّ |
493- | كَمَا إِذَا خَالَفَ ذُو حِفْظٍ وَفِـي | | مَنْ يَرْوِى بِالْمَعْنَى خِلافٌ قَدْ قُفِي |
494- | فَالأَكْثَرُونَ جَوَّزُوا لِلْعَـارِفِ | | ثَالِثُهَـا : يَجُـوزُ بِالْمُـرَادِفِ |
أنه بالتذكير هو (الْمَسْمُـوعُ) له منه و سكنت نفسه إلى صحته و السلامة و إلا فلا . قال جمع كالنووى و ابن الصلاح : هذا إذا لم يكن له إجازة عامة عن شيخه لمروياته أو لهذا الكتاب (فَإِنْ يُجِـزْهُ) أى الشيخ التلميذ كذلك (يُبَـحِ) له (الْمَجْمُـوعُ) أى روايته مطلقا ، إذ ليس فيه أكثر من رواية تلك الزيادات بالإجازة ، و له أن يقول حدثنا و أخبرنا من غير بيان للإجازة ، و الأمر فى ذلك يقع مثله في التسامح ، و قد تقدم أنه لا غناء فى كل سماع عن الإجازة ليقع ما سقط فى السماع على وجه السهو و غيره من كلمات أو أكثر مرويا بالإجازة و إن لم يذكر لفظها فإن كان فى النسخة سماع شيخه مثلا فينبغى له حينئذ فى روايته منها أن يكون له إجازة عامة من شيخه و لشيخه مثلها و هكذا . قال ابن الصلاح : و هذا تيسير حسن هدانا الله له و له الحمد ، و الحاجة إليه ماسة فى زماننا جدا ، و الله أعلم . و (مَنْ ) أى الحافظ للحديث الذى (كَتْبَهُ) بإسكان التاء (خِلافَ حِفْظِهِ يَجِـدْ . وَحِفْظَهُ) أى و الحال أن حفظه (مِنْهَا) أى من تلك الكتب فـ(الْكِتَابَ يَعْتَمِـدْ) و يرجع إلى ما فيه عند الرواية لأنه أضبط ، بخلاف الحفظ فإنه خوان ، و (كَذَا) إذا كان حفظه (مِنَ) لسان (الشَّيْخِ وَ) الحال أنه قد (شَكَّ) فى ذلك أو من القرائة عليه (وَاعْتَمَدْ) المحدث (حِفْظًا) أى حفظه للحديث (إِذَا أَيْقَنَ) و لم يتشكك فيه (وَالْجَمْعُ) بين الأمرين فى رواية (أَسَدّ) أى أقوى كأن يقول حفظى كذا و فى كتابى كذا ، هكذا فعله الأئمة كشعبة و غيره ( كَ) أسدية الجمع فيـ(مَا إِذَا خَالَفَـ)ه شخص ( ذُو حِفْظٍ ) و إتقان ، فيقول : حفظى كذا ، و قال فيه فلان ، أو قال فيه غيرى كذا و كذا و نحو ذلك كما فعل سفيان الثورى و غيره ، و تقدم أول المبحث أنه إذا وجد سماعه فى كتابه و لا يذكره جاز له روايته عمد الجمهور . قال فى التقريب : و شرطه أن يكون بـخطه أو بـخط من يثق به ، و الكتاب يغلب على الظن سلامته من التغيير و تسكن إليه ، فإن شك لم يجز و عبر فى غيره كالرافعى عن هذا الشرط بقوله : محفوظا عنده ، و فيه إشعار بعدم الإقتفاء يظن سلامته من التغيير ، و تعقبه البلقينى بأن المعتمد عند العلماء قديما و حديثا العمل بما يوجد من السماع و الإجازة مكتوبا فى الطباق التى غلب على الظن صحتها ، و إن لم يتذكر السماع و لا الإجازة و لم تكن الطبقة محفوظة عنده . قال المصنف : هذا هو الموافق لما هنا ، و قد مشى عليه صاحب الحاوى الصغير فقال ، و يروى بخط المحفوظ ، و لم تكن الطبقة محفوظة عنده ، و الله أعلم . ثم بين الكلام على رواية الحديث بالمعنى فقال (وَ ) ثبت و اشتهر (فِـي . مَنْ يَرْوِى) الحديث (بِالْمَعْنَى) لا بلفظه الوارد (خِلافٌ) بين العلماء (قَدْ قُفِي) أى تبع على أكثر من خمسة أقوال (فَالأَكْثَرُونَ) من السلف و الخلف الفقهاء و غيرهم منهم الأئـمة الأربعة (جَوَّزُوا) ذلك و إن كان الأولى إيراد الحديث بلفظه .. | |||
495- | وَقِيلَ : إِنْ أَوْجَبَ عِلْمًا الْخَبَرْ | | وَقِيلَ: إِنْ يَنْسَ،وَقِيلَ: إِنْ ذَكَرْ |
496- | وَقِيلَ: فِي الْمَوْقُوفِ وَامْنَعْهُ لَدَى | | مُصَنَّـفٍ ، وَمَا بِـهِ تُعُبِّـدَا |
دون التصرف فيه (لِلْعَـارِفِ) ولو غير صحابى بمدلولات الألفاظ و موقع الكلام : أى الأغراض و الأحوال الداعية إلى إيراده على وفقها و مقتضاها ، و قد استدل الشافعى لذلك بحديث (( أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرئوا ما تيسر منه )) . قال : و إذا كان الله تعالى برأفته بخلقه أنزل كتابه على سبعة أحرف علمنا منه بأن الحفظ قد يزل لتحل لهم قراءته ، و إن اختلف لفظهم فيه ما لم يكن فى اختلافهم إحالة معنى ، كان ما سوى كتاب الله تعالى أولى أن يجوز فيه اختلاف اللفظ ما لم يخل معناه ، و روى ابن منده و الطبرنى عن عبد الله بن سليمان بن أكيمة الليثى قال (( قلت يا رسول الله إنى أسمع منك الحديث لا أستطيع أن أؤديه كما أسمع منك يزيد أو ينقص حرفا ، فقال : إذا لم تحلوا حراما و لم تحرموا حلالا و أصبتم المعنى فلا بأس )) فذكر ذلك للحسن فقال : لولا هذا ما حدثنا . و استدل بعض الحفاظ عليه بالإجماع على جواز شرح الشريعة للعجم بلسانـهم للعارف به فإذا جاز الابدال بلغة أخرى ، فجوازه باللغة العربية أولى ، و قيل : لا يجوز ذلك مطلقا ، بل تجب الرواية بلفظ الحديث ، و هذا مذهب ابن سرين و ثعلب النحوى و أبى بكر الرازى من الحنفية ، و حكاه ابن السمعانى عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما و أرضاهما ، و إليه مال عياض إذ قال : ينبغى سد باب الرواية بالمعنى لئلا يتسلط من لا يحسن ممن يظن أنه ممن يحسن كما للرواة كثيرا قديما و حديثا . وأجيب بأن الكلام فيمن يحسن و فى المعنى الظاهر لا فيما يختلف فيه على أن الحافظ السخاوى قال : كاد الجواز أن يكون إجماعا و ( ثَالِثُهَـا) أى الأقوال و هو للخطيب البغدادى (يَجُـوزُ) ذلك إذا كان (بِالْمُـرَادِفِ) بأن يؤتى بلفظ بدل مرادفه مع بقاء التركيب ، و موقع الكلام دون ما سواه بأن لم يؤت بلفظ مرادف فيغير الكلام ، فلا يجوز لإنه قد لا يوفى بالمقصود . و عبارة النخبة ، و قيل : إنما يجوز فى المفردات دون المركبات . (وَقِيلَ) يجـوز ذلك .(إِنْ أَوْجَبَ عِلْمًا) أى اعتقاد (الْخَبَرْ) لأن المعول على معناه ، و لا تجب مراعاة اللفظ و إن أوجب عملا لم يجز ، و هذا القول حكاه ابن السمعانى عن بعض أصحابنا ( وَقِيلَ) أى و قال الماوردى من كبار أصحابنا ( إِنْ يَنْسَ ) لفظ الخبر بأن كان يحفظه فنسى لفظه و بقى معناه مرتسما فىذهنه جاز أن يرويه بالمعنى لأنه تحمل اللفظ و المعنى معا ، و قد عجز عن أداء أحدهما ، فيلزم أداء الآخر لمصلحة تحصيل الحكم ، و إن لم ينسه لم يجز أن يورده بغيره . قال بعض المحققين : هذا القول هو الأولى عندى حتى من الأول ، لأن المرء ولو كان فى غاية من الفصاحة و البلاغة لا ينهض إلى التعبير عن ألفاظ من أوتى جوامع الكلم بما يؤدى معانيها أجمع بحيث لا يزيد ولا ينقص ، بل لا يتصور أن يكون مساويا لهذا فى الجلاء و الخفاء لا سيما و هو مفوت للتبرك بألفاظ صاحب الشريعة ، و فاتح لأبواب الشك فى موارد السنة (وَقِيلَ) عكس هذا القول و هو الجواز (إِنْ ذَكَرْ) اللفظ و عدمه إن نسيه ، و عبارة الـزهة . و قيل : إنما يجوز لمن يستحضر اللفظ ليتمكن من التصرف فيه (وَقِيلَ) يجوز (فِي الْمَوْقُوفِ) على الصحابى لا فى المرفوع إليه صلى الله تعالى عليه و سلم ، حكاه ابن الصلاح عن بعضهم ، و روى أيضا عن مالك و الخليل بن أحمد .. -- منهج ذوى النظر | |||
497- | وَقُلْ أَخِيرًا : "أَوْ كَمَا قَالَ" وَمَا | | أَشْبَهَهُ ، كَالشَّكِّ فِيمَـا أُبْهِمَـا |
498- | وَجَائِزٌ حَذْفُكَ بَعْـضَ الْخَبَـرِ | | إِنْ لَمْ يُخِلَّ الْبَاقِي عِنْدَ الأَكْثَرِ |
و استدل له بحديث (( رب مبلغ أوعى من سامع )) فإذا رواه بالمعنى فقد أزال عن موضعه معرفة ما فيه . و قيل : إنما يجوز ذلك للصحابة دون غيرهم ، و به جزم أبو بكر بن العربى قال : لأنا لو جوزناه لكل أحد لما كنا على ثقة من الأخذ بالحديث ، و الصحابة اجتمع فيهم أمران : الفصاحة و البلاغة جبلة ، و مشاهدة احوال النبى صلى الله تعالى عليه و سلم و أفعاله ، فأفادتـهم المشاهدة عقل المعنى جملة و إستيفاء المقصد كله (وَ) الخلاف المتقدم كله فيما يتعلق بالدواز و عدمه . و لا شك أن الأولى إيراد الحديث بألفاظه دون التصرف فيه كما أشرت إليه أول المبحث ، و فى غير الذى فى الكتب المصنفة كما قال (امْنَعْهُ) أى ما ذكر من الرواية بالمعنى قطعا (لَدَى) كتاب (مُصَنَّـفٍ) فليس لأحد أن يغير لفظ شىء منه و يثبت بدله فيه لفظا آخر بمعناه ، فإن الرواية بالمعنى ترخص فيها من رخص لما كان عليهم من ضبط الألفاظ من الحرج و النصب ، و ذلك غير موجود فيما إشـتملت عليه بطون الأوراق و الكتب و لأنه إن ملك تغيير اللفظ فليس يملك تغيير تصنيف غيره (وَ) امنعه أيضا فى (مَا) أى الحديث الذى (بِـهِ) أى لفظه (تُعُبِّـدَا) بالبناء للمفعول كالأذان و التشهد و التكبير و التسليم و جميع الأذكار و الأدعية النبوية ، و كذا ما هو من جوامع الكلم نحو (( الخراج من الضمان . العجماء جبار و لا ضرر و لا ضرار . من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )) فلا يجوز تغيير ألفاظها . قيل إجماعا . (وَقُلْ) أيها الراوى للحديث بالمعنى ( أَخِيرًا) أى عقب الحديث ( "أَوْ كَمَا قَالَ") صلى الله تعالى عليه و سلم فى المرفوع ، أو كما قال رضى الله تعالى عنه فى الموقوف (وَمَا . أَشْبَهَهُ) كنحوه و شبهه و غيرهما من الألفاظ ، فقد كان كثير من الصحابة و غيرهم من السلف يفعلون ذلك مع أنـهم أعلم الناس بمعانى الكلام حذرا من الزلل لمعرفتهم بما فى الرواية بالمعنى من الخطر ، فعن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه أنه كان إذا حدث عن رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم ففرغ قال : أو كما قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم ، رواه ابن ماجه و غيره ، و عن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه أنه قال يوما : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم فاغرورقت عيناه و انتفخث أوداجه ، ثم قال أو مثله أو نحوه أو شبيه به ، و عن أبى الدرداء رضى الله تعالى عنه أنه كان إذا حدث عن رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم قال : أو نحوه أو شبهه (كَـ)ما أنك تقول ذلك عند (الشَّكِّ) و التردد (فِيمَـا أُبْهِمَـا) من الحديث ، فإذا اشتبهت عليك لفظة فإنه يحسن أن تقول بعدها على الشك : أو كما قال مثلا . قال ابن الصلاح : و هو الصواب فى مثله ، لأن قوله أو كما قال يتضمن إجازة من الراوى و اذنا فى رواية صوابـها عنه إذا بان ، ثم لا يشترط إفراد ذلك بالإجازة لما بيناه و الله أعلم . ثم بين الخلاف فى اختصار الحديث فقال (وَجَائِزٌ حَذْفُكَ) أيها المحدث حيث كنت عارفا به (بَعْـضَ الْخَبَـرِ) بأن تروى بعـض الخبر الواحد دون بعض لكن محله( إِنْ لَمْ يُخِلَّ) ذلك بـ(الْبَاقِي) بأن كان ما تركه متميزا عما نقله غير متعلق بما رواه بحيث لا يختل البيان و لا تختلف الدلالة فيما نقله ، و هذا (عِنْدَ الأَكْثَرِ) من المحدثين و غيرهم ، و عليه يجوز سواء جوزنا الروايـة بالمعنى أم لا ، رواه قبل تاما أو لا . لأن ذلك بمنزلة خبـرين منفصلين ، و قد روى البيـهقى
| |||
499- | وَامْنَعْ لِذِي تُهْمَـةٍ فَإِنْ فَعَـلْ | | فَلا يُكَمِّلْ خَوْفَ وَصْفٍ بِخَلَلْ |
500- | وَالْخُلْفُ فِي التَّقْطِيعِ فِي التَّصْنِيفِ | | يَجْرِي ، وَأَوْلَى مِنْهُ بِالتَّخْفِيفِ |
501- | وَاحْذَرْ مِنَ اللَّحْنِ أَوِ التَّصْحِيفِ | | خَوْفًا مِنَ التَّبْدِيلِ وَ التَّحْرِيـفِ |
عن ابن المبارك أنه قال : علمنا سفيان اختصار الحديث ، و قيل لا يجوز مطلقا بناء على منع الرواية بالمعنى . و قيل : لا يجوز إن قلنا بجواز الرواية بالمعنى إذا لم يكن رواه هو أو غيره بتمامه قبله ، وإن رواه هو مرة أخرى أو غيره بتمامه جاز . و قيل يجوز مطلقا لكن إذا لم يكن المخذوف متعلقا بالمأتى به تعلقا يخل حذفه بالمعنى كالاستثناء و الغاية و الشرط ، فقد حكى الإتفاق على المنع حينئذ . (وَ) ما تقرر إن ارتفعت منـزلته عن التهمة فـ(امْنَعْ) حذف بعض الخبر (لِذِي تُهْمَـةٍ) فى نقله أولا تماما و نقله ناقصا ثانيا و عكسه (فَإِنْ فَعَـلْ) أى المتهم بذلك (فَلا يُكَمِّلْ) و لا ينقص (خَوْفَ) وقوع (وَصْفٍ) عليه (بِخَلَلْ) فى روايته ، فقد ذكر الخطيب أن من روى حديثا على التمام و خاف إن رواه مرة أخرى على النقصان أن يتهم بأنه زاد فى الأولى ما لم يكن سمعه ، أو نسى فى الثانية باقى الحديث لقلة ضبطه و كثرة غلطه ، فواجب عليه أن ينفى هذه التهمة عن نفسه ، و ذكر سليم الرازى أن من روى بعض الخبر تم أراد أن ينقل تمامه و كان ممن بتهم بأنه زاد فى حديثه كان ذلك عذرا له فى ترك الزيادة و كتمانها قال ابن الصلاح : من كان هذا حاله فليس له من الإبتداء أن يروى حديث غير تام إذا كان قد تعين عليه أداء تمامه لأنه إذا رواه أولا ناقصا أخرج باقيه عن حيز الاحتجاج به و دار بين أن لا يرويه أصلا فيضيعه رأسا ، و بين أن يرويه متهما فيضيع ثمرته لسقوط الحجة فيه ، و العلم عند الله تعالى (و َالْخُلْفُ) أى الخلاف الذى ذكرناه آنفا فى اختـصار الحديث (فِي التَّقْطِيعِ) أى تقطيع المصنف متن الحديث الواحد و تفريقه (فِي) أبواب (التَّصْنِيفِ) بحسب الاحتجاج به فى المسائل كل مسئلة على حدة ، و خبر قوله ، و الخلف قوله (يَجْرِي) و به يتعلق الظرف الأول فهو جائز عند الأكثر (وَأَوْلَى مِنْهُ) أى من جواز الاختصار السابق (بِالتَّخْفِيفِ) و التجويز . قال ابن الصلاح : و لا يخلو من كراهة : أى فمن الامام أحمد ينبغى أن لا يفعل . قال النووى : و ما أظنه يوافق عليه أى فقد فعله الأئـمة : مالك و البخارى و أبو داود و النسائى و غبرهم ، هذا . قال السراج البلقينى : يجوز حذف زيادة مشكوك فيها بلا خلاف ، و كان مالك يفعله كثيرا تورعا ، بل كان يقطع إسناد الحديث إذا شك فى وصله . قال : و محل ذلك زيادة لا تعلق للمذكور بـها ، فإن تعلق ذكرها مع الشك ، كحديث (( العرايا خمسة أوسق دون خمسة أوسق )) و أفاد المصنف أنه يجوز فى كتابة الأطراف الاكتفاء ببعض الحديث مطلقا و إن لم يفد ، و الله أعلم (وَاحْذَرْ) أيها المحدث (مِنَ) الوقوع فى (اللَّحْنِ أَوِ التَّصْحِيفِ) فى قراءة الحديث (خَوْفًا مِنَ التَّبْدِيلِ) لكلامه صلى الله تعالى عليه و سلم (وَ التَّحْرِيـفِ) فيه ، فقد أسند ابن الصلاح عن الأصمعى أنه يقول : إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحوى أن يدخل فى جملة قوله صلى الله تعالى عليه و سلم (( من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )) لأنه صلى الله تعالى عليه و سلم لم يكن يلحن ، فمهما رويت عنه و لحنت فيه كذبت عليه ، و قرأ سيبويه عند حماد بن سلمة حديث : رجل رعف .. |
Tidak ada komentar:
Posting Komentar