Senin, 19 Juli 2010

3.2. صفة رواية الحديث

502- فَالنَّحْوُ وَاللُّغَاتِ حَقُّ مَنْ طَلَبْ # وَخُذْ مِنَ الأَفْوَاهِ لا مِنَ الْكُتُبْ
503- فِي خَطَأٍ وَلَحْنٍ أَصْـلٍ يُرْوَى # عَلَى الصَّوَابِ مُعْرَبًا فِي الأَقْوَى
504- ثَالِثُهَـا : تَـرْك كِلَيْهِمَـا وَلا # تَمْحُ مِنَ الأَصْلِ،عَلَى مَا انْتُخِلا

بضم العين فانتهره و قال أخطأت : أنما هما رعف بفتح العين ، فشكاه إلى الخليل بن أحمد فقال صدق أتلقى هذا الكلام من أبى أسامة فتعلم سيبويه النحو و لازمه فكان له منه ما كان . (فَالنَّحْوُ وَاللُّغَاتِ) العربية (حَقُّ مَنْ طَلَبْ) علم الحديث و غيره أيضا ، فعليه أن يتعلم من ذلك ما بتخلص به من شين اللحن و التحريف و معرفتهما ، أسند المصنف عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أنه قال مر عمر رضى الله تعالى عنه بقوم قد رموا رشقا فاخطئوا فقال ما أسوأ رميكم ، قالوا : نحو متعلمين قال : لحنكم أشد على من سوء رميكم ، سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم يقول (( رحم الله امرأ أصلح من لسانه )) و هو فى مسند الشهاب . و عن أبى جعفر أنه قال : من فقه الرجل عرفانه اللحن . و قال شعبة : من طلب الحديث و لم يبصر العربية كمث رجل عليه برنس و ليس له رأس . و قال حماد بن سلمة : مثل الذى يطلب الحديث و لا يعرف النحو مثل الحمار عليه محلاة و لا شعير فيها (وَ) إذا أردت أيها الطالب السلامة منالتصحيف فـ(خُذْ) الحديث (مِنَ الأَفْوَاهِ) أى أفواه أهل المعرفة و التحقيق و الضبط عنه (لا) تأخذه (مِنَ الْكُتُبْ) لأن من أخذه و تعلمه منها كان من شأنه التحريف ، و لم يفلت من التبديل و التصحيف ، و قد نقل الإجماع على فضل التعلم من أفواه المشايخ عليه من الكتب ، إذ يوجد فى الكتاب أشياء تصد عن العلم ، و هى معدومة عند المعلم كالتصحيف العارض من اشتباه الحروف مع عدم اللفظ و قلة الخبرة بالاعراب و كتابة ما لا يقرأ ، و قراءة ما لا يكتب و غير ذلك و من ثم قال العلماء : لا تأخذ العلم من صحفى و لا من مصحفى ، يعنى لا تقرأ القرآن على من قرأ من المصحف و لا الحديث و غيره على من أخذ ذاك من الصحف ، و إذا كان روايته (فِي خَطَأٍ) من أصله (وَلَحْنٍ أَصْـلٍ) فـ(يُرْوَى) كل منهما ، أى يرويه من أول الأمر (عَلَى) الوجه (الصَّوَابِ) حال كونه (مُعْرَبًا) أى مبينا له (فِي) القول (الأَقْوَى) الذى عليه الجمهور : منهم الأوزعى و ابن المبارك و الشعبى القاسم بن محمد و عطاء و همام و النضر بن شميل . قال ابن الصلاح : و القول به فى اللحن الذى لا يختلف به المعنى و أمثاله لازم على مذهب تجويز رواية الحديث بالمعنى . قد سبق أنه قول الأكثرين ، و قيل : يرويه على الخطأ كما سمعه ، و به قال ابن سرين و ابن سخبرة و أبو معمر و أبو عبيد ز قال ابن الصلاح هذا غلو فى مذهب اتباع اللفظ و المنع من الرواية بالمعنى ، و (ثَالِثُهَـا) أى الأقوال ( تَـرْك كِلَيْهِمَـا) أى الخطأ و الصواب . حكاه ابن دقيق العيد عن شيخه العز بن عبد السلام ، أما الصواب فلأنه لم يسمع كذلك . و الخطأ فلأن النبى صلى الله تعالى عليه و سلم لم يقله كذلك : هذا كله فى الرواية بالقراءة ، و أما الإصلاح فى الكتاب فبينه بقوله (وَلا تَمْحُ) أيهاالمحدث و غيره أيضا (مِنَ الأَصْلِ) أى النسخة إذا وقع الخطأ و اللحن فيها (عَلَى مَا) أى القول الذى (انْتُخِلا) بالخاء المعجمة : أى صفى و اختـير . قال
فى القامـوس : نخله و تنخله و انتخـله : صفاه و اختاره و قيـل : يجوز تغييره أيـضا

505- بَـلْ أَبْقِـهِ مُضَبَّبًـا وَبَيِّـنِ # صَوَابَـهُ فِي هَامِشٍ ، ثُـمَّ إِن
506- تَقْرَأْهُ قَدِّمْ مُصْلَحًا فِي الأَوْلَـى # وَالأَخْذُ مِنْ مَتْنٍ سِوَاهُ أَوْلَـى
507- وَإِنْ يَـكُ السَّاقِـطُ لا يُغَيِّـرُ # كَابْنٍ وَحَرْفٍ زِدْ وَلا تُعَسَّـرُ
508- كَذَاكَ مَا غَايَرَ حَيْـثُ يُعْلَـمُ # إِتْيَانُهُ مِمَّنْ عَـلا ، وَأَلْزَمُـوا
509- "يَعْنِي" وَمَا يُدْرَسُ فِي الْكِتَابِ # مِنْ غَيْرِهِ يُلْحَقُ فِي الصَّـوَابِ

و هو غلط كما أفهمه صنيع ابن الصلاح و النووى و غيرهما ، و عبارة ألفية العراقى ، و صوبوا الابقاء الخ (بَـلْ أَبْقِـهِ) أى الخطأ و اللحن فى الأصل . و قرره فيه على ما هو عليه حال كونك (مُضَبَّبًـا) عليه (وَبَيِّـنِ صَوَابَـهُ) خارجا (فِي هَامِشٍ) أى حاشية ذلك الأصل كما تقدم . قال ابن الصلاح فإن ذلك أجمع للمصلحة و أنفى للمفسدة . قال و كثيرا ما نرى ما يتوهم كثير من أهل العلم خطأ ، و ربما غيروا صوابا ذا وجه صحيح ، و إن خفى و استغرب لا سيما فيما يعدونه خطأ من جهة العربية و ذلك لكثرة لغات العرب و تشبعها ، و قد قال الإمام الشافعى رضى الله تعالى عنه : لا يحيط باللغة إلا نبى ( ثُـمَّ إِنِ تَقْرَأْهُ) أى الأصل فـ(قَدِّمْ) فى القراءة صوابا (مُصْلَحًا) بفتح اللام اسم مفـعول و هو الذى فى الهامش (فِي الأَوْلَـى) و الأحسن ، ثم اذكر ما وقع فى الأصل ، كأن تقول : وقع فى روايتى أو عند شيخنا أو من طريق فلان كذا ، و لك أن تقرأ ما فى الأصل أولا كما وقع ثم تذكر وجه صوابه من جهة العربية أو الرواية و إنما كان الأول أولى لئلا تتقول على رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم ما لم يقل (وَالأَخْذُ) فى الإصلاح (مِنْ مَتْنٍ) آخر (سِوَاهُ) أى سوى أصله بأن يعتمد فى ذلك على ما جاء فى رواية أخرى أو حديث (أَوْلَـى) لأن ذاكره آمن من أن يتقول على رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم ما لم يقل (وَإِنْ يَـكُ السَّاقِـطُ) من الأصل (لا يُغَيِّـرُ) معناه (كَـ) لفظة (ابْنٍ وَحَرْفٍ) لا يختلف المعنى به ، فالأمر فيه على ما سبق ، كذا فى ابن الصلاح و تبعه النووى فى التقريب . و قال العراقى : لا بأس بإلحاقـه فى الأصل من غير تنبيه على سقوطه ، و تبعه المصنف فقال (زِدْ) أيهاالمحدث ذلك فى الأصل (وَ) أنت (لا تُعَسَّـرُ) و لا تضيق فيه ، فقد سأل أبو داود السجستانى شيخه أبا عبد الله أحمد بن حنبل فقال : وجدت فى كتاب حجاج عن جريج : أيجوز لى أن أصلحه ابن جريج ؟ قال : أرجو أن يكون هذا لا بأس به ، و قيل للإمام مالك : أرأيت حديث النبى صلى الله تعالى عليه و سلم يزاد فيه الواو و الألف و المعنى واحد ؟ فقال : أرجو أن يكون خفيفا ، و (كَذَاكَ) الحكم فى (مَا غَايَرَ) أى الساقط الذى غاير معنى ما فى الأصل (حَيْـثُ يُعْلَـمُ) بالبناء للمفعول (إِتْيَانُهُ مِمَّنْ عَـلا) بأن علم أن بعض الرواة له أسقطه وحده و أن من فوقه من الرواة أتى به ، فله أيضا أن يلحقه فى نفس الكتاب (وَ) لكن (أَلْزَمُـوا) أهل الحديث حينئذ أن يأتى بكلمة ("يَعْنِي") قبله كما فعل الخطيب البغدادى ، إذ روى عن أبى عمر بن مهدى عن المحاملى باسناده عن عروة عن عمرة بنت عبد الرحمن تعنى عن عائشة أنـها قالت (( كان رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلـم يدنـى إلى رأسـه فأرجله )) قال الخطـيب : كان فى أصل ابن مـهدى عن عمـرة أنـها .

510- كَمَا إِذَا يَشُكُّ وَاسْتَثْبَـتَ مِـنْ مُعْتَمَدٍ ، وَفِيهِمَـا نَدْبًـا أَبِـنْ
511- وَمَنْ عَلَيْـهِ كَلِمَـاتٌ تُشْكِـلُ يَرْوِي عَلَى مَا أَوْضَحُوا إِذْ يَسْأَلُ
512- وَمَنْ رَوَى مَتْنًا عَنَ اشْيَاخٍ وَقَدْ تَوَافَقَا مَعْنًى وَلَفْـظٌ مَا اتَّحَـدْ
513- مُقْتَصِرًا بِلَفْـظٍ وَاحِـدٍ وَلَـمْ يُبَيِّنِ اخْتِصَاصَـهُ فَلَـمْ يُلِـمِ


قالت ((كان رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم يدنى إلى رأسه فأرجله)) فألحقنا فيه ذكر عائشة إذ لم يكن منه بد ، و علمنا أن المحاملى كذلك رواه ، و إنما سقط من كتاب شيخنا أبى عمر و قلنا فيه : تعنى عن عائشة رضى الله تعالى عنها لأجل أن ابن مهدى لم يقل لنا ذلك ، و هكذا رأيت غير واحد من شيوخنا يفعل فى مثله ، ثم ذكر بإسناده عن الإمام احمد رضى الله تعالى عنه قال : سمعت وكيعا يقول إنا لنستعين فى الحديث بيعنى (وَ) كذلك (مَا يُدْرَسُ) بالبناء للمفعول (1) (فِي الْكِتَابِ) من بعض الاسناد أو المتن بتقطع أو بلل أو بأكل أرضة و نحو ذلك فانه (مِنْ غَيْرِهِ يُلْحَقُ) دوازا ، و يستدرك (فِي) القول (الصَّـوَابِ) إذا عرف صحته و سكنت نفسه إلى أن ذلك هو الساقط من كتابه ، و هذا ما قاله أهل التحقيق و ممن فعله نعيم بن حماد كما رواه عنه ابن معين ، و منع ذلك بعضهم ، و إن كان معروفا محفوظا ، و هو منقول عن محد بن ماسى . (كَمَا إِذَا) كان الحافظ (يَشُكُّ) فى بعض محفوظاته (وَاسْتَثْبَـتَ مِـنْ) حفظ ثقة (مُعْتَمَدٍ) فيه أو من كتابه ، كما روى عن الامام أحمد و أبى عوانة و غيرهما (وَفِيهِمَـا) أى الصورتين (نَدْبًـا أَبِـنْ) أى أظهر ذلك عند الرواية كما فعل يزيد بن هارون و غيره ، ففى مسند أحمد حدثنا يزيد بن هارون أنا عاصم بالكوفة فلم أكتبه ، فسمعت شعبة يحدث به فعرفته به عن عاصم عن عبد الله بن سرجس أن رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم كان إذا سافر قال (( اللهم أعوذ بك من وعثاء السفر )) و فى غير المسند عن يزيد أنا عاصم و ثبتنى فيه شعبة ، فان بين أصل التثبت دون من ثبته فلا بأس ، فقد فعله أبو داود فى سنـنه عقب حديث الحكم بن حزن قال : ثبتنى فى شىء منه بعض أصحابنا (وَمَنْ) أى الراوى الذى (عَلَيْـهِ كَلِمَـاتٌ) فى أصل كتابه (تُشْكِـلُ) كأن كان فى كتابه كلمة عن غريب العربية غير مضبوطة جاز له أن يسأل عنها أهل العلم و بعده (يَرْوِيـ)ها (عَلَى مَا أَوْضَحُوا) له (إِذْ يَسْأَلُ) فقد روى مثل ذلك عن الامام أحمد و إسحق بن راهويه و غيرهما ، و رور الخطيب عن عفان بن سلمة أنه كان يجىء إلى أخفش و أصحاب النحو يعرض عليهم نحو الحديث يعربه (وَمَنْ رَوَى مَتْنًا) أى حديثا (عَنَ) شيخين له ، أو (اشْيَاخٍ) ثلاثة فأكثر (وَقَدْ تَوَافَقَا مَعْنًى) أى فى معنى المتن (وَ) لكن (لَفْـظٌ مَا) نافية (اتَّحَـدْ) بأن كان بين روايتيهما تفاوت فى اللفظ و المعنى واحد حال كونه (مُقْتَصِرًا) فى رواية ذلك (بِلَفْـظٍ) راو (وَاحِـدٍ) منهما بأن يجمع بينهما فى الاسناد ثم يسوق الحديث على لفظ أحدهما كأن يقول أنا فلان و فلان ، و اللفظ لفلان ، أو هذا لفظ فلان (وَ) كذا لو (لَـمْ يُبَيِّنِ اخْتِصَاصَـهُ) أى اللفظ بأحدهما (فَـ)إنه (لـم يلـمّ)(2) فى صنعه ذلك لأنه جائز ، و واقع من المحدثين (1) و هو مااختاره الشارح . و فى النسخة التى كتبها جرارد الحـنفى الناصرى يَدْرُسُ بالبناء للفاعل (2) كذا فى النسخة بالتشديد و لعله سبق القلم على المكتبة . و صوابه أنه بتخفيف الميم مبنيا للمفعول من لام يلوم كما كان فى النسخة التى كتبها جرارد الحـنفى الناصرى

514- وَ قَالَ:"قَدْ تَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ" أَوْ "وَاتَّحَدَ الْمَعْنَى"عَلَى خُلْفٍ حَكَوْا
515- وَإِنْ يَكُـنْ لِلَفْظِـهِ يُبَيِّـنُ مَعْ "قَالَ" أَوْ "قَالا" فَذَاكَ أَحْسَنُ
516- وَإِنْ رَوَى عَنْهُمْ كِتَابًا قُوبِـلا بِأَصْلِ وَاحِدٍ يُبَيِّنُ(1): احْتُمِـلا
517- جوَازُهُ(2 وَمَنْعُـهُ،وَفَصَّـلا(3 مُخْتَلِـفٌ بِمُسْتَقِـلٍّ وَبِــلا


أ َ(وْ) (4) لم يخص أحدهما بسبة اللفظ إليه ، بل أتى ببعض لفظ هذا أو ببعض لفظ الآخر ، فـ(قَالَ)" أنا فلان و فلان ، و (قَدْ تَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ" أَوْ) "أخبرنا فلان و فلان (وَاتَّحَدَ الْمَعْنَى") أى معنى خبرهما أو و المعنى واحد قالا حدثنا فلان الخ جاز أيضا (عَلَى خُلْفٍ) خلاف (حَكَوْا)ه فى جواز الرواية بالمعنى ، و له أن يخص فعل القول من له القول ، و أن يأتى به لهما فيقول بعد ما تقدم : قال أو قالا أنا فلان و نحوه من العبارات ، فان لم يقل و تقاربا و لا شبهه فلا بأس به أيضا على جواز الرواية بالمعنى (وَإِنْ يَكُـنْ) أى الراوى (لِلَفْظِـهِ) أى أحد الشيخين (يُبَيِّـنُ) أى يصرح به (مَعْ) قوله ("قَالَ") بالإفراد (أَوْ) مع ("قَالا") بالتثنية أو قالوا بالجمع (فَذَاكَ أَحْسَنُ) مما تقدم ، و قد استحسن مثل تعبير مسلم : حدثنا أبو بكر ابن أبى شيبة و أبو سعيد الأشج كلاهما عن أبى خالد . قال أبو بكر : حدثنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش و ساق الحديث فاعادته ثانيا ذكر أحدهما خاصة إشعار بأن اللفظ المذكور لأبى بكر و يحتمل أنه أعاده لبيان التصريح بالتحديث و أن الأشج لم يصرح به . قال ابن الصلاح : و قول أبى داود حدثنا مسدد و أبو توبة المعنى قالا حدثنا أبو الأحوص الخ مع أشباه لهذا فى كتابه يحتمل أن يكون من قبيل الأول ، فيكون اللفظ لمسدد ، و يوافقه أبو توبة فى المعنى ، و أن يكون من قبيل الثانى فلا يكون أورد لفظ أحدهما خاصة ، بل رواه عنهما بالمعنى . قال : و هذا الاحتمال يقرب من قول مسلم : حدثنا مسلم بن إبراهيم و موسى بن إسماعيل المعنى واحد قالا : حدثنا أبان الخ ، و الله أعلم (وَإِنْ رَوَى عَنْهُمْ) أى عن الأشياخ (كِتَابًا) مصنفا سمعه منهم (قُوبِـلا) ذلك الكتاب (بِأَصْلِ) شيخ (وَاحِدٍ) فقط و هو (يُبَيِّنُ) بأن أراد أن يذكر جميعهم فى الاسناد و يقول : و اللفظ لفلان كما تقدم ، فهذا (احْتُمِـلاَ ) بألف الإطلاق (جـوَازُهُ) كما تقدم لأن ما أورده قد سمعه بنصه ممن ذكر أنه بلفظه (وَ) احتمل (مَنْعُـهُ) لأنه لا علم عنده بكيفية رواية الآخرين حتى يخبر عنها بخلاف ما تقدم ، فإنه اطلع على رواية من رواية غير من نسب اللفظ إليه ، و هو على موافـقتهما من حيث المعنى فأخبر بذلك ، كذا قاله النووى و العراقى . و لم يرجحا شيأ من الإحتمالين . قال المصنف (وَ) قال البدر بن جماعة فى المنهل الروى : يحتمل أن (فُصِّـلا) تفصيلا آخر ، وهو النظر إلى الطرق فـ(مُخْتَلِـفٌ بِمُسْتَقِـلٍّ) يعنى فان كانت الطرق متباينة بأحاديث مستقلة لم يجز (وَ) ان كان (بِــلا) استقلال بأن كان تفاوتـها فى ألفاظ أو لغات أو اختلاف ضبط جاز تأمل (وَلا تَزِدْ) أى ليس لك أيهاالراوى أن تزيد (فِي نَسَبٍ) ممن فوق شيخك من رجال الإسناد على ما ذكره شيخك مدرجا عليه من غير فصل مميز (أَوْ) فى (وَصْفِ مَنْ فَوْقَ شُيُوخٍ (1) و فى النسخة التى كتبها جرارد الحـنفى الناصرى يُبِـيْنُ من أبان و هو أوفق للبحر (2) و فى النسخة التى كتبها جرارد الحـنفى الناصرى بالنصب مفعول من احتمل المبنى للفاعل المعنى واحد (3) بالبناء للمفعول على صوابه كما كان فى النسخة التى كتبها جرارد الحـنفى الناصرى (4) بأو كـما كان فى النسخة التى كـتبها جـرارد الحـنفى الناصرى . بخـلاف ما فى نـسخة و هو بـواو

518- وَلا تَزِدْ فِي نَسَبٍ أَوْ وَصْفِ مَنْ فَوْقَ شُيُوخٍ عَنْهُمُ مَالَمْ يُبِـنْ(1
519- بِنَحْوِ"يَعْنِي"وَبِـ"أَنَّ" وَ بِـ"هُو"(2 أَمَّـا إِذَا أَتَـمَّـهُ أَوَّلَــهُ
520- أَجِزْهُ فِي الْبَاقِي لَدَى الْجُمْهُورِ وَالْفَصْلُ أَوْلَى قَاصِرُ الْمَذْكُورِ
521- وَ"قَالَ"فِي الإِسْنَادِ قُلْهَا نُطْقًا اوْ " قِيلَ لَهُ" وَالتَّرْكُ جَائِزًا رَأَوْا


عَنْهُمُ) كذلك فاجتنب ذلك (مَا لَمْ يُبِـنْ) أى يفصل و يميز (بِنَحْوِ"يَعْنِي") كتعنى و أى ( وَ بِـ" أَنَّ" وَ بِـ"هُو") أو هى . قال ابن الصلاح : فإن أتى بفصل جاز مثل أن يقول وهو ابن فلان الفلانى ، أو يعنى ابن فلان و نحو ذلك . و ذكر الحافظ الامام أبو بكر البرقانى رحمه الله تعالى فى كتاب اللفظ له بإسناده عن علىّ بن المدينى قال : إذا حدثك الرجل فقال حدثنا فلان ولم ينسبه وأحببت أن تنسبه فقل حدثنا فلان أن فلان بن فلان حدثه ، والله أعلم (أَمَّـا إِذَا) كان شيخه قد ذكر نسب شيخه أو صفته و (أَتَـمَّـهُ أَوَّلَــهُ) أى الكتاب أو الجزء عند أول حديث منه ، واقتصر فيما بعده من الأحاديث على ذكر اسم الشيخ أو بعض نسبه فـ(أَجِزْهُ) أى الراوى من ذلك الكتاب (فِي الْبَاقِي) أى باقى أحاديثه مفصولا عن الحديث الأول مستوفيا نسب شيخ شيخه ، و هذا (لَدَى الْجُمْهُورِ) حكاه عنهم الخطيب البغدادى (وَ) لكن (الْفَصْلَ) بنحو يعني أو هو (أَوْلَى قَاصِرُ الْمَذْكُورِ) لما فيه من الإفصاح بصورة الحال والجمع بين الأمرين ، وقد روى الخـطيب عن بعضهم أن الأولى أن يقول يعنى ابن فلان . وعن الامام أحمد أنه إذا جاء اسم الرجل غبر منسوب . قال يعنى فلان ، وعن ابن المدينى ما تقدم آنفا و عن شيخه أبى بكر الأصبحانى أنه يقول : حدثنى شيخى أن فلان بن فلان حدثه . و عن بعضهم أنه يقول : أخبرنا فلان هو بن فلان الخ . قال الخطيب . و هذا الذى أستحبه لأن قوما من الرواة كانوا يقولون فيما أجيز لهم : أخبرنا أن فلان حدثهم . قال ابن الصلاح : جميع هذه الوجوه جائز ، و أولاها أن يقول : هو ابن فلان أو يعنى ابن فلان . ثم أن يقول : إن فلان ابن فلان . ثم أن يذكر المذكور فى اول الجزء بعينه من غير فصل . قال ابن دقيق العيد : ومن الممنوع أيضا أن يزيد تاريخ السماع إذا لم يذكره الشيخ أو يقول بقراءة فلان أو بتخريج فلان حيث لم يذكره ، والله أعلم (وَ) اعلم أنه قد جرت العادة بحذف كلمة ("قَالَ") ونحوه (فِي)ما بين رجال (الإِسْنَادِ) خطا اختصارا فـ( قُلْهَا) عند الرواية (نُطْقًا) فإنه لابد من ذكرها حالة القراءة لفظا على ما قاله ابن الصلاح (اوْ) كان فى أثناء الإسناد قرىء على فلان أخبرك فلان أو قرىء على فلان حدثنا فلان فليقل القارىء فى الأول ("قِيلَ لَهُ") أخبرك فلان ، و فى الثانى قال : حدثنا فلان قال ابن الصلاح : وقد جاء هذا مصرحا به خطا هكذا فى بعض ما روينا . قال المصنف و ينبغى أن يقال فى قرأت على فلان . قلت : له أخبرك فلان ، وإذا تكرر لفظ قال كقول البخارى : حدثنا صالح بن حيان قال : قال عامر الشعبى فإنهم يحذفون أحدهما خطا ، وهو الأول كما استظهره المصنف فليلفظ القارىء بـهما جميعا . قال النووى : ولو ترك القارىء قال فى هذا كله فقد أخطأ ولكن الظاهر صحة السماع ، وكذا قال ابن الصلاح فى فتاويه معبرا بالأظهر ، بل جزم النووى فى شرح مسلم بالصحة . ولذا قال المصنف (وَالتَّرْكُ) أى للفظ قال فيه (جَائِزًا رَأَوْا) لأن حذف القول جائز اختصارا جاء به القرآن العظيم ، ومن ثم أنكر شهاب الدين عبد الطيف بن المرحل (1) و فى النسخة التى كتبها جرارد الحـنفى الناصرى لم يُبَـنُ بالبناء للمفعول و المعنى واحد (2) و
فى النسخة التى كتبها جرارد الحـنفى الناصرى بالعطف بأو

522- وَنُسَـخٌ إِسْنَادُهَـا قَـدِ اتَّحَـدْ نَدْبًا أَعِدْ فِي كُلِّ مَتْنٍ فِي الأَسَدّ
523- لا وَاجِبًا ، وَالْبَدْءُ فِي أَغْلَبِـهِ بِهِ وَبَاقٍ أَدْرَجُوا مَعْ " وَبِـهِ "
524- وَجَازَ مَعْ ذَا ذِكْرُ بَعْضٍ بِالسَّنَدْ مُنْفَرِدًا عَلَى الأَصَحِّ الْمُعْتَمَـدْ
525- وَالْمَيْزُ أَوْلَى ، وَالَّـذِي يُعِيـدُ فِي آخِـرِ الْكِتَـابِ لا يُفِيـدُ


النحوى اشتراط المحدثين التلفظ بقال فى أثناء السند ، و أما قول بعضهم ما أدرى ما وجه إنكاره ، لأن الأصل هو الفصل بين كلامى المتكلمين للتمييز بينهما ، وحيث لم يفصل فهو مضمر ، والإضمار خلاف الأصل ، فقد تعقبه المصنف بأن وجه ذلك أن أخبرنا و حدثنا بمعنى قال لنا إذا حدث بمعنى ، وقال ونا بمعنى لنا ، فقوله حدثنا فلان حدثنا فلان معناه : قال لنا قال لنا وهو واضح . قال : وقد ظهر لى هذا الجواب و أنا فى أوائل الطلب فععرضته لبعض المدرسين فلم يهتد لفهمه لجهله بالعربية ، ثم رأيته بعد نحو عشر سنين منقولا عن شيخ الإسلام : أى الحافظ ابن الحجر وأنه كان ينصر هذا القول وبرجحه ، ثم وقفت عليه بخطه فللّه الحمد ، ثم نبه على أن مما يحذف خطا أيضا لا لفظا كلمة أنه كما فى البخارى عن عطاء بن أبى ميمونة سمع أنس بن مالك : أى أنه سمع . قال الحافظ ابن الحجر : لفظ أنه يحذف فى الخط عرفا : والله أعلم . (وَ) أما (نُسَـخٌ) مشتملة على أحاديث (إِسْنَادُهَـا قَـدِ اتَّحَـدْ) كنسخة همام بن منبه عن أبى هريرة (1) رواية عبد الرزاق عن معمر عنه فـ(نَدْبًا أَعِدْ) الاسناد (فِي) روابة (كُلِّ مَتْنٍ) منها بأن تجدد ذكر الاسناد فى أول كل حديث منها (فِي) القول (الأَسَدّ) أى الأرجح لما فى ذلك من الاحتياط . قال ابن الصلاح : و يوجد هذا فى كثير من الأصول القديمة (لا وَاجِبًا) خلاف لمن زعمه من أهل التشديد (وَالْبَدْءُ فِي أَغْلَبِـهِ بِهِ) بأن يكتفى فى أول حديث منها أو فى أول كل مجلس من مجالس سماعها (وَبَاقٍ) منها (أَدْرَجُوا) عليه (مَعْ) أى مصاحبا لقوله فى كل حديث بعد الحديث الأول وبالاسناد أو ("وَبِـهِ") وهو الأغلب الأكثر (وَ) إذا أراد من كان سماعه على هذا الوجه تفريق تلك الأحاديث ، ورواية كل حديث منها (جَازَ) له (مَعْ ذَا)لك (ذِكْرُ بَعْضٍ) من تلك الأحاديث (بِالسَّنَدْ) المذكور فى أولها حديثا (مُنْفَرِدًا) عنها (عَلَى) القول (الأَصَحِّ الْمُعْتَمَـدْ) الذى عليه الأكثر : منهم وكيع و يحيى ابن معين و الاسماعيلى ، وذلك لأن الجميع معطوف على الأول ، فالمذكور أولا فى حكم المذكور فى كل حديث ، فالمعطوف له كالمعطوف عليه ، وهو بمثابة تقطيع المتن الواحد فى أبواب بإسناده المذكور فى أوله وقيل : لا يجوز ذلك ، بل هو تدليس . سأل بعضهم الأستاذ أبا إسحاق الاسفراينى عن ذلك فقال : لا يجوز (وَ) على هذا من كان سماعه على ذلك الوجه فطريقة (الْمَيْزُ) أى التبيين والحكاية لذلك ، وهو على الأصح (أَوْلَى) و أحسن من عدمه كما فعله الامام مسلم فى روايته من نسخة همام حدثنا محمد بن رافع قال : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة ، و ذكر أحاديث منها . قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم (( إن أدنى مقعد أحدكم فى الجنة أن يقول له تمنّ )) الحديث وقد اطرد هذا للامام مسلم تورعا واحتياطا وتحريا (1) قال الشيخ أحمد شاكر فى تعليقته : إذا روى جزءا أو صحيفة فيها أحاديث كثيرة إسناده واحد كصحيـفة همام بن منبه ندب إعادة الإسـناد فى كل متـن ، و ذهب بعضـهم إلى وجـوب ذلك ، وهو غلو و تشديـد

526- وَسَابِقٌ بِالْمَتْنِ أَوْ بَعْضِ سَنَـدْ ثُمَّ يُتِمُّهُ : أَجِزْ ، فَـإِنْ يُـرِدْ
527- حِينَئِذٍ تَقْدِيـمَ(1) كُلِّـهِ رَجَـحْ جَوَازُهُ،كَبَعْضِ مَتْنٍ فِي الأَصَحّ
528- وَابْنُ خُزَيْمَـةَ يُقَـدِّمُ السَّنَـدْ حَيْثُ مَقَالٌ، فَاتَّبِعْ وَلا تُعَـدّ(2)
529- وَلَوْ رَوَى بِسَنَـدٍ مَتْنًـا وَقَـدْ جَدَّدَ إِسْنَادًا وَمَتْـنٍ لَـمْ يُعَـدْ


وإتقانا ، وكذا بعض الأئـمة ، وأما الامام البخارى فلم يسلك قائدة مطردة ، فتارة يفعل مثل ذلك كقوله فى الطهارة : حدثنا أبو اليمان ثنا أبو
الزناد عن الأعرج أنه سمع أبا هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم يقول (( نحن الآخرون السابقون )) وقال (( لا يبولن أحدكم فى الماء الدائم )) الحديث فأشكل على جماعة ذكره ((نحن الآخرون السابقون )) فى هذا الباب ، وليس مقصوده إلا ما تقرر ، وتارة يقتصر على الحديث الذى يريده ، وكأنه أراد بيان أن كلا الأمرين جائز (وَ) أما بعض أهل الحديث (الَّـذِي يُعِيـدُ) ذكر الاسناد (فِي آخِـرِ الْكِتَـابِ) أو آخر الجزء فـ(لا يُفِيـدُ) ذلك رفع الخلاف الذى يمنع إفراد كل حديثبذلك الاسناد عند روايتها ، لأنه لا يكون متصلا بواحد منها ، نعم يفيد تأكيدا واحتياطا ، ويتضمن إجازة بالغة من أعلى أنواعها ويفيد أيضا سماعه لمن لم يسمعه أولا . (وَسَابِقٌ بِالْمَتْنِ) أى مقدم لمتن الحديث على الاسناد كقوله : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم كذا وكذا ، ثم يقول : أخبرنا به فلان ثنا فلان (أَوْ) سابق بـ(بَعْضِ سَنَـدْ) بأن يذكر المتن و بعض الاسناد فقط (ثُمَّ يُتِمُّهُ) أى السند كقوله : روى نافع عن ابن عمر قال صلى الله تعالى عليه و سلم ، ثم يقول حدثنا به أحمد عن الشافعى عن مالك عن نافع الخ (أَجِزْ) ذلك له فهو ملتحق بما إذا قدم الاسناد بتمامه فى كونه يصير به مسندا للحديث لا مرسلا له (فَـإِنْ يُـرِدْ) أى أراد الراوى (حِينَئِـذٍ) أى حين إذ كان سماعه عن الشيخ بتقديم المتن على السند ، أو بتقديم المتن و بعض السند على بعضه (تَقْدِيـمَ كُلِّـهِ) أى كل السند على المتن كما هو الغالب فى الرواية فقد (رَجَـحْ جَوَازُهُ) أى القول بجواز ذلك على القول بمنعه ، فقد قال النووى : إن الجواز هو الصحيح (كَـ)تقديم (بَعْضِ مَتْنٍ) على بعض فانه جائز (فِي) القول (الأَصَحّ) إذا لم يغير المعنى ، بل بحث النووى القطع بالجواز هنا إذا لم يكن للمتقدم ارتباط بالمؤخر ، وهو المحكى عن الحسن و الشعبى فى آخرين . وأما قول ابن الصلاح فى الأول : ينبغى أن يكون فيه خلاف نحو الخلاف هنا بناء على منع الرواية بالمعنى ، فقد تعقبه السراج البلقينى بأن التخريج ممنوع ، والفرق أن تقديم بعض الألفاظ على بعض يؤدى إلى الاخلال بالمقصود فى العطف و عود الضمير و نحو ذلك ، بخلاف تقديم السند كله أو بعضه ، فلذلك جاز فيه ولم يتخرج على الخلاف (وَ) قال الحافظ ابن حجر : تقديم الحديث على السند فعله الامام أبو بكر محمد (بْنُ) إسحاق بن (خُزَيْمَـةَ) السلمى فى صحيحه كثيرا ، ولكن إنما (يُقَـدِّمُ السَّنَـدْ) على المتن (حَيْثُ) كان فى السند من فيه (مَقَالٌ) فيبتدىء بالحديث ، ثم بعد الفراغ يذكر السند قال : أعنى ابن حجر ؛ وقد صرح ابن خزيمة بأن من رواه على غير ذلك الوجه لا يكون فى حل منه ، (فَـ)حينئذ (اتَّبِعْ)ه فى رواية صحيحة (وَلا تُعَـدّ) مخالفا له فيها ، وإن قلنا بجواز الرواية بالمعنى انتهى (وَلَوْ رَوَى) الشيخ (بِسَنَـدٍ) بتمامه (مَتْنًـا) هو أعم (1) و فى النسخة التى كتبها جرارد الحـنفى الناصرى تـقديمُ بالرفع نائب الفاعل من يرد المبنى للمفعول و المعنى بالنسختين واحد (2) كذا فى الطبعة برفع التاء . ولكن الظاهر لا تعدّ بفتحها ، أصلها لا تـتعد و حذف إحدى التاءين كما قال الشيخ أحمد شاكر فى تعليقته . وهو من تعدى يتعدى تعديا القانون إذا خالفه

530- بَلْ قَالَ فِيهِ " نَحْوَهُ" أَوْ " مِثْلَهُ " لا تَرْوِ بِالثَّانِـي حَدِيثًـا قَبْلَهُ
531- وَقِيلَ : جَازَ إِنْ يَكُنْ مَنْ يَرْوِهِ ذَا مَيْزَةٍ ، وَقِيلَ : لا فِي"نَحْوِهِ"
532- الْحَاكِمُ:اخْصُصْ نَحْوَهُ بِالْمَعْنَى وَمِثْلَـهُ بِاللَّفْظِ فَـرْقٌ سَنَـا(1
533- وَالْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ : مِثْلَ خَبَـرِ قَبْلُ وَمَتْنُـهُ كَـذَا ، فَلْيَذْكُـرِ
534- وَإِنْ بِبَعْضِـهِ أَتَـى وَقَوْلِـهِ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ " أَوْ" بِطُولِهِ "
535- فَـلا تُتِمَّـهُ ، وَقِيلَ : جَـازا إِنْ يُعْرَفَا(2 ، وَقِيلَ:إِنْ أَجَـاز
ا

من تغيير غيره بحديثا (وَقَـدْ جَدَّدَ إِسْنَادًا) آخر بعد ذلك (وَمَتْـنٍ لَـمْ يُعَـدْ) بأن حذفه إحالة على المتن . (بَلْ) إنما (قَالَ فِيهِ) أى فى آخر هذا الاسناد المجدد ("نَحْوَهُ" أَوْ) قال ("مِثْلَهُ") فإذا سمعت ذلك فـ(لا تَرْوِ) عنه (بِـ)الاسناد (الثَّانِـي) مقتصرا عليه (حَدِيثًـا قَبْلَهُ) يعنى المتن الأول فقد قال ابن الصلاح : الأظهر المنع من ذلك ، وروينا عن أبى بكر الخطيب رحمه الله تعالى قال :كان شعبة لا يجوز ذلك (وَقِيلَ : جَازَ) ذلك (إِنْ يَكُنْ مَنْ يَرْوِهِ ذَا مَيْزَةٍ) بأن عرف أن الشيخ ضابط متحفظ يذهب إلى تمييز الألفاظ و عد الحروف ، وإلا لم يجز ذلك (وَقِيلَ) جاز ذلك فى مثله ، و (لا) يجوز (فِي"نَحْوِهِ") عبارة التدريب مع المتن بعد نقل الجواز فى مثله بقيده المذكور عن الثورى وابن معين . أما إذا قال نحوه فأجازه الثورى أيضا كمثله ، ومنعه شعبة وقال : هو شك ، بل هو أولى من المنع فى مثله ، وابن معين أيضا وإن جوزه فى مثله ، قال الخطيب : فرق ابن معين بين مثله ونحوه ، ويصح على منع الرواية بالمعنى ، فأما على جوازها فلا فرق . وقال (الْحَاكِمُ) أبو عبد الله النيسابورى (اخْصُصْ) قول الراوى (نَحْوَهُ) بما إذا كان اتفاق الحديثين (بِالْمَعْنَى) لا اللفظ (وَ) قوله (مِثْلَـهُ) بما إذا كان اتفاقهما (بِاللَّفْـظِ) مع المعنى ، وعبارة ابن الصلاح عن الحاكم يقول : إن مما يلزم الحديثى من الضبط و الاتقان أن يفرق بين أن يقول مثله أو يقول نحوه فلا يحل له أن يقول مثله إلا بعد أن يعلم أنـهما على لفظ واحد ، و يحل أن يقول نحوه إذا كان على مثل معانيه ، واستحسنه المصنف إذ قال (فَـرْقٌ سَنَـا) أى حسن جدا ، لأن السنا على ما قاله الراغب : هو الضوء الساطع . و فى القاموس السنا : ضوء البرق . قال : وأسنى البرق دخل سناه البيت أو وقع على الأرض أو طال فى السحاب . وفى التنـزيل (( يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار )) (وَالْوَجْهُ) المختار للخطيب وغيره (أَنْ يَقُولَ) الراوى (مِثْلَ خَبَـرِ . قَبْلُ) فى الاسناد (وَمَتْنُـهُ كَـذَا) و كذا (فَلْيَذْكُـرِ) ذلك ، فقد كان غير واحد من أهل العلم إذا روى مثل ذلك يورد الإسناد ويقول مثل حديث قبله متنه كَـذَا و كذا ، ثم يسوقه . وكذلك إذا كان المحدث قد قال نحوه . قال الخطيب : و هذا هو الذى أختاره (وَإِنْ) ذكر الشيخ الاسناد بتمامه ولم يذكر متنه كله بل (بِبَعْضِـهِ أَتَـى وَ) بـ(قَوْلِـهِ) أى الشيخ ("وَذَكَرَ الْحَدِيثَ" أَوْ) قوله ("بِطُولِهِ") أو قوله الحديث وأضمر وذكر ، وأردت أيها السامع روايته عنه (فَـلا تُتِمَّـهُ) أى المتن لأنه أولى بالمنع من المسئلة السابقة فى مثله ونحوه ، فانه إذا منع ثمة مع أنه قد ساق فيـها جمـيع المتـن قبل ذلك باسـناد آخر فـلأن .
(1 ) و فى النسخة التى كتبها جرارد الحـنفى الناصرى سنّا برفع السين مع تشديد النون . و فى تعليقة إبن شاكر خ : يُـعنى . و كل هـذا خطـأ و الصـواب سَـنا كما أطـال الشارح فيـه
(2) كذا فى الطبعة وهو لحن . و الصواب كما فى النسخة التى كتبها جرارد الحـنفى الناصرى أنه بالبناء للفاعل و فاعله للتـثـنية راجع إلى الراوى و الشيخ كما فى هذا الشرح

536- وَقُلْ عَلَى الأَوَّلِ " قَالَ وَذَكَـرْ حَدِيثَهُ وَهْوَ كَذَا " وَائْتِ الْخَبَرْ
537- وَجَـازَ أَنْ يُبْـدِلَ بِالنَّبِـيِّ رَسُولَهُ(1) وَالْعَكْسُ فِي الْقَوِيِّ


يمنع هنا ولم يسق إلا بعذ الحديث من باب أولى وبذلك جزم جماعة : منهم الأستاذ أبو إسحاق فقد سئل عن ذلك فقال : لا يجوز لمن سمع على هذا الوصف أن يروى الحديث بما فيه من الألفاظ على التفصيل (وَقِيلَ جَـازا) للسامع على ذلك الوجه أن يتمه (إِنْ يُعْرَفَا) أى هو والشيخ مثل ذلك الحديث و عليه أبو بكر الإسماعيلى ، فقد سأله الحافظ البرقانى عمن قرأ إسناد حديث على الشيخ ثم قال و ذكر الحديث هل يجوز أن يحدث بجميع الحديث ؟ فقال : إذا عرف المحدث و القارىء ذلك الحديث فأرجو أن يجوز ، والبيان أولى أن يقول كما كان (وَقِيلَ) جاز ذلك (إِنْ أَجَـازا) الشيخ للسامع ، عبارة ابن الصلاح بعد حكاية قول الإسماعيلى قلت : إذا جوزنا ذلك فالتحقيق فيه أنه بطريق الإجازة فيما لم يذكر الشيخ ، لكنها إجازة قوية أكيدة من جهات عديدة ، فجاز لهذا مع كون أوله سماعا إدراج الباقى عليه من غير إفراد له بلفظ الإجازة ، والله أعلم . (وَقُلْ) أيها السامع إذا أردت الاتمام (عَلَى) القول (الأَوَّلِ) وهو المنع ، وكذا على الثانى و الثالث لكن احتياطا كما تقرر ("قَالَ وَذَكَـرْ حَدِيثَهُ وَهْوَ) هـ(كَذَا") أو وتمامه كذا (وَائْتِ الْخَبَرْ) بأن تسوقه إلى آخره قال فى التدريب : وفصل ابن كثير فقال : إن كام سمع الحديث المشار إليه قبل ذلك على الشيخ فى ذلك المجلس أو غيره جاز وإلا فلا اهـ . وهذا قريب من قول الاسماعيلى ان لم يكن عينه تأمل (وَ) إذا كان فى سماعه عن رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم فأراد أن يرويه و يقول عن النبى صلى الله تعالى عليه و سلم أو غير عكسه (جَـازَ) له (أَنْ يُبْـدِلَ) عند الرواية (بِـ)اللفظ (النَّبِـيِّ) صلى الله تعالى عليه و سلم (رَسُولَهُ) صلى الله تعالى عليه و سلم (وَ) جاز (الْعَكْسُ) أى إبدال النبى بالرسول (فِي) القول (الْقَوِيِّ) أى الصحيح الذى قاله حماد بن سلمة و أحمد و الخطيب فى آخرين : وصوبه النووى والعراقى و غير هما . وقال ابن الصلاح : الظاهر أن ذلك لا يجوز وإن جازت الرواية بالمعنى ، فإن شرط ذلك أن لا يختلف المعنى ، والمعنى فى هذا مختلف ، ثم نقل عن الامام أحمد أنه إذا كان فى الكتاب عن النبى صلى الله تعالى عليه و سلم ، و قال المحدث رَسُولَ الله صلى الله تعالى عليه و سلم ضرب وكتب عن رَسُولَ الله صلى الله تعالى عليه و سلم الخ . وأجيب عن الأول بأنه وان اختلفا معنى فى الأصل لا يختلف به هنا معنى ، غذ المقصود نسبة القول لقائله : وهو حاصل بكل من اللفظين . وعن الثانى بأن أحمد سأله ولده صالح عن ذلك فقال : أرجو أن لا يكون به بأس ، فما تقدم عنه محمول على استحاباب اتباع اللفظ دون اللزم ، واستدل بعضهم لقول ابن الصلاح بحديث البراء فى الدعاء عند النوم ففيه (( ونبيك الذى أرسلت )) فأعاده على النبى صلى الله تعالى عليه و سلم وقال : ورسولك الذى أرسلت ، فقال صلى الله تعالى عليه و سلم لا ونبيك الذى ارسلت . قال الحافظ العراقى ولا جليل فيه ، لأن ألفاظ الأذكار توقيفية ، وربما كان فى اللفظ سر لا يحصل بغيره ، ولعله أراد أن يجمع بين اللفظين فى موضع واحد ، وتوسط البدر بن جماعة إذ قال : لو قيل : يجوز تغيير (1 ) بفتح اللام و فى النسخة التى كتبها جرارد الحـنفى الناصرى رسولُه برفع اللام وهو خطأ و لحن على الطبعة أو سبق القلم

538- وَسَامِعٌ بِالْوَهْـنِ كَالْمُذَاكَـرَهْ بُيِّنَ(1 حَتْمًا والْحَدِيثُ مَا تَـرَهْ
539- عَنْ رَجُلَيْنِ ثِقَتَيْـنِ أَوْ جُـرِحْ إِحْدَاهُمَا(2 فَحَذْفَ وَاحِدٍ أَبِـحْ
540- وَمَنْ رَوَى بَعْضَ حَدِيثٍ عَنْ رَجُلْ وَبَعْضَهُ عَنْ آخَرَ ثُمَّ جَمُـل(3
541- ذَلِـكَ عَـنْ ذَيْـنِ مُبَيِّنًـا بِلا مَيْزٍ أَجِزْ وَحَذْفُ شَخْصٍ حُظِلا


النبى إلى الرسول ولا يجوز عكسه لما يبعد ، لأن فى الرسول معنى زائدا على النبى والله أعلم . (وَ) إذا كان (سَامِعٌ) للحديث (بِـ)بعض (الْوَهْـنِ) أى الضعف فى سماعه (كَـ)السماع حال (الْمُذَاكَـرَهْ) فان العادة التساهل فيها والسماع من غير أصل أو وقت القراءة أو النسخ ، أو بقراءة لحان أوالتسميع بخط من فيه نظر وغير ذلك ، فلا بد من أن يـ(بَيِّنَ) ذلك حال الرواية (حَتْمًا) لأن فى إغفاله نوعا من التدليس ، قال ابن الصلاح : فليقل حدثنا فلان مذاكرة أو حدثناه فى المذاكرة ، فقد كان غير واحد من متقدمى العلماء يفعل ذلك ، وكان جماعة من حفاظهم يمنعون من أن يحمل عنهم فى المذكرة شىء : منهم عبد الرحمن بن مهدى وأبو زرعة الرازى ، ورويناه عن ابن المبارك وغيره ، وذلك لما قد يقع فيها من المساهلة مع أن الحفظ خوّان ، ولذلك امتنع جماعة من أعلام الحفاظ من رواية ما يحفظونه إلا من كتبهم : منهم أحمد بن حنبل رضى الله تعالى عنهم أجمعين (والْحَدِيثُ مَا) أى إن (تَـرَهْ) مرويا (عَنْ رَجُلَيْنِ ثِقَتَيْـنِ ، أَوْ) تره عن رجلين ، وقد (جُـرِحْ إِحْدَاهُمَا) أى الرجلين وأنث المضاف ، لأن المراد بـهما الطريقان والطريق مؤنث فى الأكثر فأكسباه التأنيث : أى إن احدهما ثقة والآخر مجروح ، قال ابن الصلاح : مثل أن يكون عن ثابت البنانى و أبان بن أبى عياش عن أنس انتهى ، فان ثابتا ثقة بلا مدافعة ، جليل القدر والشان . قال الذهبى : ثابت ثابت كاسمه (1) وأبان بن أبى عياش أحد الضعفاء أطال الذهبى فى بيانه (فَحَذْفَ وَاحِدٍ) منهما (أَبِـحْ) عند الرواية لذلك . وان كان الأولى ذكرهما لاحتمال أن يكون فيه شىء لأحدهما لم يذكره الآخر ، وحمل لفظ أحدهما على الآخر ، وإنما لم يحرم ذلك ، لأن الظاهر اتفاق الروايتين وما ذكر من الاحتمال نادر بعيد . نعم محذور الحذف فى الأول أقل من الثانى . قال الخطيب : وكان مسلم بن الحجاج فى مثل هذا ربما أسقط المجروح من الاسناد ويذكر الثقة ، ثم يقول : وآخر كناية عن المجروح ، وهذا القول لا فائدة فيه . قال بعض المحققين : بل له فائدة تكثير الطرق (وَمَنْ رَوَى) بالسماع أو بغيره (بَعْضَ حَدِيثٍ عَنْ رَجُلْ) أى شيخ (وَ) روى (بَعْضَهُ) الآخر (عَنْ) رجل (آخَرَ ثُمَّ جَمُـل) بالجيم (ذ َلِـكَ) أى خلط ذلك الحديث ، وعزاه إليهما ورواه (عَـنْ ذَيْـنِ) الرجلين جملة حال كونه (مُبَيِّنًـا) أن بعضه عن أحدهما وبعضه عن الآخر (بِلا مَيْزٍ) أى غير مميز لما سمعه من كل رجل من الآخر (أَجِزْ) ذلك ثم يصير كل جزء منه كأنه رواه عن أحدهما مبهما ، مثاله حديث الإفك فى الصحيح من طربق الزهرى إذ قال : حدثنى عروة وسعيد بن المسيب (1) قوله : قال الذهبى : ثابت ثابت كاسمه ، هذا نظير قول الإمام البخارى فى حق شيخه مسدد بن مسرهد البصرى ، كان يقال : هو مسدد كاسمه ، وعن يحيى بن سعيد لو أن مسددا أتيته فى بيته فحدثته لاستحق ذلك ، وما أبالى كتبى كانت عندى أو عند مسدد انتهى . (1 كذا فى النسخة بضم الباء مع كسر الياء المشددة . وفى المتن الذى علقه الشيخ أحمد شاكر بفتح الباء والياء . والمعنى واحد (2 بالتأنيث وهو صواب لأن الشيخ طريق إلى العلم . و زعم بعض المعلقين أنه لحن للوزن . قال الشيخ محمد على بن آدم فى شرحه : أى أحد الرجلين ، لكنه أنثه للوزن وتكلف الشارح بما لا طائل تحته كما قال ابن شاكر ، ولو قال بدل هذا البيت :

عن ثقـة وضده أو وُثِّـقَا # فـحذفَ واحد أجِـزْهُ مطْلَـقا

(3 كذا فى النسخة بضم الجيم وأظن أنه خطأ و فى المنور كان جميلا وليس المراد . و الصواب بالفتح بمعنى اجمل كما أشار إليه فى الشرح

542- مُجَرَّحًـا يَكُـونُ أَوْ مُعَـدَّلا وَحَيْثُ جَرْحُ وَاحِدٍ لن تُقْبَـلا

آداب المحدث

543- وَأَشْرَفُ الْعُلُومِ عِلْـمُ الأَثْـرِ فَصَحِّـحِ النِّيَّـةَ ثُـمَّ طَهِّـرِ


و علقمة بن وقاص و عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة قال : و كلّ قد حدثنى طائفة من حديثها ، ودخل حديث بعضهم فى بعض وأنا أوعى لحديث بعضهم من بعض فذكر الحديث (وَ) لا يجوز ذكرهما جميعا ساكتا عن التبيين لذلك ، و كذا (حَذْفُ شَخْصٍ) واحد منهما فقط فان (حُظِلا) أى منع سواء . (مُجَرَّحًـا يَكُـونُ) ذلك الشخص المحذوف (أَوْ) يكون (مُعَـدَّلا) بل يجب ذكرهما مبينا أن عن أحدهما بعضه (وَحَيْثُ) وجد (جَرْحُ وَاحِدٍ) منهما والآخر ثقة (لن تُقْبَـلا) هذه الرواية فلا يحتج بشىء منه إن كان فيها مجروح ، إذ ما من جزء من ذلك الحديث إلا ويحتمل كونه عن ذلك المجروح . هذا ، واعترض وجوب ذكرهما معا بأن البخارى أسقط بعض شيوخه فى مثل تلك الصورة ، واقتصر على واحد إذ قال فى كتاب الرقاق من صحيحه ، ثنى أبو نعيم بنصف هذا الحديث ، ثنا عمرو بن دينار ، ثنا مجاهد أن أبا هريرة كان يقول (( والله الذى لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدى على الأرض من الجوع )) الحديث . وأجاب عنه الحافظ العراقى : بأن الممتنع إنما هو إسقاط بعضهم ، وإيراد كل الحديث عن بعضهم إذ يكون حينئذ قد حدث عن المذكور ببعض ما لم يسمعه منه ، وبخلاف ما إذا بين أنه لم يسمع منه إلا بعض الحديث كما فعل البخارى هنا فانه لا يمتنع ، وقد بين فى كتاب الإستـئذان ما سمعه من أبى نعيم فقال : ثنا أبو نعيم ثنا عمرو ثنا محمد بن مقاتل ، أنا عبد الله ، أنا عمرو بن دينار ، أنا مجاهد عن أبى هريرة قال : دخلت مع رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم فوجد لبنا فى قدح ، فقال أبا هريرة ألحق أهل الصفة فادعهم إلىّ . قال : فأتيتهم فدعوتـهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فدخلوا انتهى . قال العراقى : فهذا هو بعض حديث أبى نعيم الذى ذكره فى الرقاق . وأما بقية الحديث فيحتمل أن البخارى أخذه من كتاب أبى نعيم وجادة أو إجازة أو سمعه من شيخ آخر غير أبى نعيم . إما محمد بن مقاتل أو غيره ولم يبين ذلك ، بل اقتصر على اتصال بعض الحديث من غير بيان ، ولكن ما من قطعة منه إلا وهى محتملة ، لأنها غير متصلة بالسماع إلا القطعة التى صرح فى الإستئذان باتـصالـها . و الله أعلـم .

Sabtu, 03 Juli 2010

3.1 كتابة الحديث و ضبطه , صفة رواية الحديث

منهـــــج ذوى الـنـظــــــــر

تأليف

الشيخ محمد محفوظ بن عبد الله الترمسى

المتوفى 1919 م

شرح منظومة علم الأثر

للحافظ جلال الدين عبد الله السيوطى

المتوفى 911 ه




القطعة الثالثة

من المخطوطة فى معهد المسرع السنجورى الجاوى الغربية

1431 ه ----- 2010 م

بســـــــم الله الرحمن الرحيم

465-

وَبَعْضُهُمْ يَكْتُبُ"لا"أَوْ "مِنْ"عَلَى


أَوَّلِهِ أَوْ " زَائِدًا " ثُـمَّ " إِلَى "

466-

وَإِنْ يَكُ الضَّرْبُ عَلَى مُكَرَّرِ


فَالثَّانِيَ اضْرِبْ فِي ابْتِدَاءِ الأَسْطُرِ

467-

وَفِي الأَخِيرِ : أَوَّلاً أَوْ وُزِّعَـا


وَالْوَصْفَ وَالُمضَافَ صِلْ لاتَقْطَعَا

468-

وَحَيْثُ لا وَوَقَعَا فِي الأَثْنَـا:


قَوْلانِ : ثَانٍ ، أَوْ : قَلِيلٌ حُسْنَا

469-

وَ ذُو الرِّوَايَاتِ يَضُمُّ الزَائِـدَهْ


مُؤَصِّـلاً كِتَابَـهُ بِوَاحِـدَهْ

470-

مُلْحِقَ مَا زَادَ بِهَامِـشٍ وَمَـا


يَنْقُصُ مِنْهَـا فَعَلَيْـهِ أَعْلَمَـا

(أو عرا) التحويق قى الاثناء، بل يكتفي به فىالأول والآخر فقط. (و بعضهم يكتب) على الزائد كلمة (لا) النافية (أو) كلمة (من) الجارة ( على . أوله ) أى الزائد (أو) كلمة (زائدا ثم) يكتب كلمة (إلى) الجارة فى آخر ذلك . قال ابن الصلاح : و مثل هذا فيما صح فىرواية و سقط فى رواية أخرى . قال المصنف : وعلى هذا أيضا إذا كثر المضروب عليه إما أن يكتفى بعلامة الإبطال أوله و آخره ، أو يكتب له على أول كل سطر و آخره وهو أوضح . هذا كله فى زائد غير مكرر (و) أما(إن يك الضرب على) زائد (مكرر) مرتين مثلا (ف)اللفظ (الثانى اضرب) عليه إذا كانا (فى ابتداء الأسطر.و)إن كانا (فىالأخير) أىآخر الأسطر فاضرب لفظا(أولا)منهماحفظا لأوائل السطور وأواخرها عن الطمس(أو)كان المكرر(وزعا) بأن اتفق أن أحدهما آخر السطر والآخر أوله، فيضرب على الذى فى آخر السطر ، لأن أول السطر أولى بالمراعاة (و) ان كان التكرر فى الصفة أو الموصوف أو فى المضاف أوالمضاف اليه ونحو ذلك لم يراع حينئذ أول السطر ولا آخره،بل(الوصف) صلة بموصوفه (والمضاف) إليه (صل)ه بالمضاف ، و(لاتقطعا) أى لاتفصل بالضرب بينهما ، وإنماتضرب علىالأول فى الموصوف أو المضاف ، وعلى الآخر فىالوصف أو المضاف اليه ، لأن ذلك مضطراليه للفهم ، فمراعاته أولى من مراعاة تحسين الصورة (و حيث لا) يكون التكرر فى نحوالوصف (و) قد (وقع) أى المكرران ( فى الأثنا ) ء أى أثناء السطور ، لا فى أوائلها ولا أواخرها ففيه ( قولان ) حكاهما الرامهرمزى : أحدهما بضرب (ثان) من المكررين دون الأول لأنه كتب على الصواب ، فالخطأ أولى بالإبطال (أو) أى والقول الثانى يضرب (قليل حسنا) وان كان أولا دون كثير الحسن وان كان ثانيا ، لأن الكتاب علامة لما يقرأ ، فأولى الحرفين بالإبقاء أدلهما عليه وأجودهما صورة . قال فى التدريب : هكذا حكا ابن خلاد أى الرامهرمزى القولين من غير مراعاة لأوائل السطور و أواخرها . و للفصل المتضايفين و نحو ذلك . قال ابن الصلاح : و جاء القاضى عياض آخرا ففصل تفصيلا حسنا ، ثم ذكر ما تقدم فى النظم والله أعلم (و) ينبغى للمحدث أن يعتنى بضبط مختلف الروايات و تمييزها ف(ذو الروايات) الكثيرة المختلفة (يضم) الرواية (الزائده) حال كونه (موصلا كتابه ب) رواية (واحده) فيجعل متن كتابه على رواية خاصة حال كونه (ملحقا ما زاد) من رواية أخرى (بهامش) أى حاشية . قال فى القاموس : الهمش الجمع . و همش كضرب و علم : أكثر الكلام فى غير الصواب ، و الهامش حاشية الكتاب مولد الخ ملخصا (و ما . ينقص منها) أى من

471-

مُسَمِّيًـا أَوْ رَامِـزًا مُبَيِّـنَـا


أَوْ ذَا وَ ذَا بِحُمْـرَةٍ وَ بَيَّـنَـا

472-

وَكَتَبُوا " حَدَّثَنَا " " ثَنَا " " وَنَا "


وَ " دَثَنَا " ثُمَّ " أَنَا " " أَخْبَرَنَا "

473-

أَوْ " أَرَنَا " أَوْ " أَبَنَا " " أَخَنَا "


" حَدَّثَنِي " قِسْهَا عَلَى " حَدَّثَنَا "

474-

وَ"قَالَ" "قَافًا" مَعْ "ثَنَا" أَوْ تُفْرَدُ


وَحَذْفُهَا فِي الْخَطِّ أَصْلاً أَجْوَدُ

الرواية الأخرى (فعليه يعلما) أى وضع على كتابه علامة ، و كذا خلاف الرواية حال كونه . (مسميا) أى معينا فى كل ذلك بتمام اسمه من غير رمز عليه (أو رامزا) له بحرف أو حرفين من اسمه حال كونه (مبينا) مراده بذلك الرمز فى أول الكتاب أو فى آخره كما تقدم . قال ابن الصلاح : كيلا يطول عهده به فينساه أو يقع كتابه إلى غيره ، فيقع من رموزه فى حيرة و عمى ، واكتفى بعضهم فى التمييز بأن خص الرواية الملحقة الحمرة ، و إليه أشار بقوله (أو ذا) الزائد من الرواية الأخرى (و ذا) الناقص منها بعلمان (بحمرة) أو نحوها مما يخالف مداد الكتاب (و) قد (بينا) ذلك أوله أو آخره . قال ابن الصلاح : فعل ذلك أبو ذر الهروى من المشارقة ، و أبو الحسن القابسى من المغاربة مع كثير من المشايخ و أهل التقييد ، فإذا كان فى الرواية الملحقة زيادة على التى فى متن الكتاب كتب بالحمرة و ان كان فيها نقص ، و الزيادة فى الرواية التى فى متن الكتاب حوق عليها ، ثم على ذلك تبيين من له الرواية المعلمة بالحمرة كما سبق ، و الله أعلم . ثم بين ما وقع فيه الإقتصار فى خط صيغ الأداء و غيره فقال (و كتبوا) أى أهل الحديث اقتصارا فى الخط على الرمز فى (حدثنا) الثاء و النون و الألف و حذفوا الحاء و الدال صورته (ثنا ، و) ربما حذفوا الثاء أيضا صورته (نا . و) ربما حذفوا الحاء فقط صورته (دثنا) . قال ابن الصلاح : و ممن رأيت من خطه الدال فى علامة حدثنا الحافظ ابو عبد الله الحاكم و أبو عبد الرحمن السلمى و الحافظ أحمد البيهقى رضى الله تعالى عنهم (ثم) كتب (أنا) بالهمزة ، و الضمير فى رمز (أخبرنا ، أو) كتبوا مكانه (أرنا) بزيادة راء بعد الألف و قبل النون (أو أبنا) بزيادة باء كذلك (أو أخنا) بزيادة خاء بعد الهمزة قال المصنف كما وجد فى خط المغاربة ، و أما (حدثنى) ف(قسها على حدثنا) فتكتب ثنى و دثنى دون أخبرنى و أنبأنا و أنبأنى ، قاله فى التدريب ، و كل ذلك شائع بحبث لا يكاد يلتبس على غالب الطلبة (و) كتبوا (قال) أى رمزا لها (قافا) ثم اختلفوا فبعضهم بجمعها (مع) أداة التحديث كحد (ثنا) فصارت قثنا . فالقاف رمز لقال ، و ثنا لحدثنا ، فمراده قال حدثنا ، و على قياسه قثنى (أو) أى و بعضهم (تفرد) أى القاف عن ثنا ، فتكون صورته ق ثنا (و) لكن (حذفها) أى القاف (فى الخط أصلا) أى مرة واحدة (أجود) من إثباتها فيه ، فقد قال الحافظ العراقى فى الثانى أنه اصطلاح متروك ، و فى الأول أنه قد توهم بعض من رآها هكذا أنها الواو التى بعد حاء التحويل و ليس كذلك . و قال ابن الصلاح : جرت العداة بحذف قال ، و لا بد من النطق بها حال القرائة ، .

475-

وَكَتَبُوا "حَ " عَنْدَ تَكْرِيرِ سَنَـدْ


فَقِيلَ:مِنْ "صَحَّ" وَقِيلَ:ذَا انْفَرَدْ

476-

مِنَ الْحَدِيثِ ، أَوْ لِتَحْوِيلٍ وَرَدْ


أَوْ حَائِلٍ ، وَقَوْلُهَا لَفْظًا أَسَـدّ

477-

وَكَاتِـبُ التَّسْمِيـعِ فَلْيُبَسْمِـلِ


وَيَذْكُرِ اسْمَ الشَّيْخِ نَاسِبًا جَلِـي

478-

ثُـمَّ يَسُـوقُ سَنَـدًا وَمَتْنَـا


لآخِـرٍ ، وَلْيَتَجَانَـبْ وَهْنَـا

و سيأتى تحقيقه فى النوع الذى بعد هذا (و كتبوا) أى أهل الحديث (ح) و هى حاء مفردة مهملة (عند تكرير سند) أى فيما إذا كان للحديث إسنادان فأكثر : و جمعوا بينهما فى متن واحد ، و أريد الإنتقال من سند إلى آخر . قال ابن الصلاح : لم يأتنا عن أحد ممن يعتمد بيان لأمرها ثم ذكر ما تضمنه قول المصنف (فقيل) إنها مختصرة (من صح) فقد وجد بخط الحافظ أبى عثمان الصابونى و أبي مسلم عمر بن على الليثى و أبى سعد الخليلى فى مكانها صح بدلا عنها . قال : و هذا يشعر بكون ((ح)) رمزا إلى صح . و حسن إثبات صح هنا لئلا يتوهم أن حديث هذا الاسناد سقط ، و لئلا يركب الاسناد الثانى على الاسناد الأول فيجعلا إسنادا واحدا (و قيل) إن (ذا) أى ح (انفرد من الحديث) فهو رمز إلى قولهم الحديث ، و عبارة ابن الصلاح ذاكرت فيها بعض أهل العلم من أهل المغرب . و حكيت له عن بعض من لقيت من أهل الحديث أنها حاء مهملة إشارة إلى قولنا الحديث ، فقال أهل المغرب : و ما عرفت بينهم إختلافا يجعلونها حاء مهملة ، و يقول أحدهم : إذا وصل إليها الحديث (أو لتحويل) من إسناد إلى إسناد (ورد) قوله بذلك ، و اختاره النووى ، عبارته فى شرح مسلم : المختار أنها مأخوذة من التحول لتحوله من إسناد إلى إسناد (أو) حاء من لفظ (حائل) نقله ابن الصلاح عن الحافظ الرهاوى فإنه سأله عن ذلك فذكره . قال : و لا يلفظ بشىء عند الإنتهاء إليها فى القرائة ، و أنكر كونها من الحديث و غير ذلك ، و لم يعرف غير هذا عن أحد من مشايخه ، و فيهم عدد كانوا حفاظ الحديث فى وقته (و) لكن (قولها) أى النطق يها (لفظا) عند الإنتهاء إليها و يستمر فى قرائة ما بعدها (أسد) و أحوط كما اختاره اين الصلاح و النووى و غيرهما ، وعليه عملنا و عمل مشايخنا فى الحرمين . قال الإمام النووى فى شرح مسلم : ثم هذه الحاء توجد فى كتب المتأخرين كثيرا و هى كثيرة ، جدا فى صحيح مسلم قليلة فى صحيح البخارى . فيتأكد احتياج صاحب هذا الكتاب ، أى صحيح مسلم إلى معرفتها ، و قد أرشدناه إلى ذلك ، و لله الحمد و النعمة و الفضل و المنـة . ثم بين ما ينبغى لمن كتب التسميع ، فقال (و كاتب التسميع) أى أى شخص كتب التسميع (فليـبسمل) أى ليكتب بســم الله الرحمـن الرحـيـم ، و يتلفظ بها أيضا فى أول الكتابة (و) لـ(يذكر) بعدها (اسم الشيخ) المسمع (ناسبا جلى) أى ذاكرا لنسبه و كنيته (ثم يسوق) بعده (سندا) . قال الخطيب : و صورة ذلك : حدثنا أبو فلان فلان بن الفلانى قال حدثـنا فلان إلخ (و متنا . لآخر) على لفظـه (و ليتحانب) أى الكاتب (و هنا) أى ضعفا . فالمتعين على كاتب التسميع التحرى و الاحتياط و بيان السامع و لمسمع و لمسموع بلفظ غير مختمل و مجانبة .





479-

وَيَكْتُبُ التَّأْرِيخَ مَعْ مَنْ سَمِعُوا


فِي مَوْضِعٍ ما ، وَابْتِدَاءً أَنْفَـعُ

480-

وَلْيَكُ مَوْثُوقًا ، وَلَـوْ بِخَطِّـهِ


لِنَفْسِـهِ ، وَعَدَّهُـمْ بِضَبْطِـهِ

481-

أَوْ ثِقَةٍ ، وَالشَّيْخُ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى


تَصْحِيحِهِ،وَحَذْفُ بَعْضٍ حُظِلا

482-

وَمَنْ سَمَاعُ الْغَيْرِ فِي كِتَابِـهِ


بِخَطِّهِ أَوْ خُـطَّ بِالرِّضَى بِـهِ

483-

نُلْزِمُـهُ بِأَنْ يُعِيـرَهُ ، وَمَـنْ


بِغَيْرِ خَـطٍّ أَوْ رِضَاهُ فَلْيُسَـنّ

التساهل فيمن يثبتـه . (و يكتب) كاتب التسميع (التاريخ) أى تاريخ وقت السماع (مع) أسماء (من سمعوا) كلهم و أنسابـهم (فى موضع ما) أى فى أى موضع كان (و) لكن كونه (ابتـداء) أى فى ابتـداء الكتاب (أنفع من غيره) عبارة ابن الصلاح عن الخطيب ، و إذا كتب الكتاب المسموع فينبغى أن يكتب فوق سطر التسمية أسماء من سمع معه و تاريخ وقت السماع ، و ان أحب كتب ذلك فى حاشية أول ورقة من الكتاب كما قد قعله شيوخنا . قال ابن الصلاح : كتبه التسميع حبث ذكرها أحوط له و أحرى بأن لا يخـفى على من يحتاج إليه ، و لا بأس بكتبه آخر الكتاب و فى ظهره . و حيث لا يخـفى موضعه (وليك) كاتب التسميع (موثوقا) به غير مجهول الخط (ولو) كان ذلك (بخطه لنـفسه) فلا بأس أن يكتب سماعه بخط نـفسه إذا كان ثقة ، و كثيرا ما فعله الثقات . قال ابن الصلاح : و قد قرأ عبد الرحمن بن منده جزءا على أبى أحمد الفرضى ، و سأله خطه ليكون حجة له ، فقال له : يا بنى عليك بالصدق فإنك إذا عرفت به لا يكذبك أحد ، أو تصدق فيما تقول و تـنقل ، و إذا كان غير ذلك ، فلو قيل لك أفهذا خط أبى أحمد الفرضى ما ذا تقول لهم (و) ليك الكاتب قد (عدهم) أى السلمعين واحدا فواحدا (بضبطه) لأسمائهم و كناهم و أنسابـهم (أو بضبط (ثقة) غيره ، فإذا لم يحضر مثبت السماع ما سمع فله أن يعتمد فى إثباته قى حضورهم على خبر ثقة حضر ذلك (و الشيخ لم يحتج إلى . تصحيحه) فلا يضر حيث كان الكاتب موثوقا به أن لا يكتب الشيخ المسمع خطه بالتصحيح (و حذف بعض) ممن ثبت سماعه فى ذلك الكتاب (حظلا) أى منع منه ، فلا يجوز كتمانه إياه و منعه نقل سماعه من الكتاب أو نسخه ، فقد قال سفيان الثورى : من بخل بالعلم ابتلى باحدى ثلاث : أن ينساه أو يموت و لا ينتفع به أو تذهب كتبه ، و قال وكيع : أول بركة الحديث إعارة الكتب . و قال المصنف . و قد ذم الله تعالى مانع العارية بقوله عز من قائل : و يمنعون الماعون . و إعارة الكتب أجل من الماعون (و من) أى كل أحد من أهل الحديث و غيره (سماع الغير) مثبت (فى كتابه . بخطه) أى صاحب الكتاب نفسه (أو) لم يكن بخطه ، لكن (خط) سماع الغير فى ذلك الكتاب (بالرضى) منه (به) أى بكتابة ذلك السماع فنحن أيها العلماء (نلزمه) أى صاحب الكتاب (بِأَنْ يُعِيـرَهُ) أى الغير ذلك الكتاب (وَمَـنْ) أثبت سماعه فيه (بِغَيْرِ خَـطٍّ) من صاحب الكتاب (أَوْ) أى و لا بـ(رِضَاهُ) بذلك (فَلْيُسَـنّ) إعارته ، و هذا التفصيل منقول عن القاضى حفص بن غياث من كبار الحنفية و القاضى إسماعيل المالكى و أبى عبد الله .

484-

وِلْيُسْرِعِ الْمُعَـارُ ثُـمَّ يَنْقُـلُ


سَمَاعَهُ مِنْ بَعْدِ عَرْضٍ يَحْصُلُ


صفة رواية الحديث

485-

وَمَنْ رَوَى مِنْ كُتُبٍ وَقَدْ عَرِي


حِفْظًا أَوِ السَّمَاعَ لَمَّـا يَذْكُـرِ

الزبيرى الشافعى ، و صوبه النووى ، روى الرامهرمزى أن رجلا ادعى على رجل بالكوفة سماعا منه فـتحاكما إلى القاضى بن غياث المذكور ، فقال لصاحب الكتاب : أخرج إلينا كتبك فما كان من سماع هذا الرجل بخط يدك ألزمناك ، و ما كان بخطه أعفيناك عنه . قال الرامهرمزى : فسألت أبا عبد الله الزبيرى عن هذا فقال : لا يجىء فى هذا الباب حكم أحسن من هذا ، لأن خط صاحب الكتاب دال على رضاه بإسماع صاحبه معه ، و روى الخطيب عن القاضى إسماعيل المالكى أنه تحوكم إليه فى ذلك فأطرق مليا ثم قال للمدعى عليه : إن كان سماعك بخطك فليزمك أن تعيره و إن كان سماعه فى كتابك بخط غيرك فأنت أعلم . قال ابن الصلاح : قد تعارضت أقوالهم فى ذلك ، و يرجع حاصلها إلى أن سماع غيره إذا ثبت فى كتابه برضاه فليزمه إعارته اياه ، و قد كان لا يتبين لى وجهه ، ثم وجهته بأن ذلك بمنزلة شهادة له عنده فعليه أدائها بما حوته ، و إن كان فيه بذل ماله كما يلزم لمتحمل الشهادة أدائها ، و إن كان فيه بذل نفسه بالسعى إلى مجلس الحكم ، و وجه السراج البلقينى ذلك بأنه من المصالح العامة التى يحتاج إليها مع حصول علقة بين المحتاج و المحتاج إلبه تقتضى إلزامه بإسعافه فى مقصده ، قال : و أصله إعارة الجدار لوضع جذوع الجار عليه و قد ثبت ذلك فى الصحيحين . و قال بوجوب ذلك جمع من العلماء و هو أحد قولى الشافعى ، فإذا كان يلزم الجار بالعارية مع دوام الجذوع فى الغالب ، فلأن يلزم صاحب الكتاب مع عدم دوام العارية أولى (و) إذا أعاره الكتاب فـ(لْيُسْرِعِ الْمُعَـارُ) أى المستعير برده ، و لا يبطىء على المالك بكتابه إلا بقدر حاجته . قال ابن شهاب . إياك و غلول الكتب ، قيل و ما غلولها ؟ قال حسبها عن أصحابـها و قال أبو على الفضيل بن عياض : ليس من عمل أهل الورع و لا من أفعال العلماء أن يأخذ سماع رجل و كتابه فيسبه عليه ، و من فعل ذلك فقد ظلم نفسه ( ثُـمَّ) إذا نسخ الكتاب فلا ( يَنْقُـلُ . سَمَاعَهُ) إلى نسخته إلا ( مِنْ بَعْدِ عَرْضٍ ) و مقابلة ( يَحْصُلُ) و يرضى . قال ابن الصلاح و هكذا لا ينبغى لأحد أن ينقل سماعا إلى شىء من النسخ أو يثبته فيما عند السماع ابتداء إلا بعد المقابلة المرضية بالمسموع كيلا يغتر أحد بتلك النسخة غير المقابلة إلا أن يـبـين مع النقل ، و عنده كون النسخة غير مقابلة ، و الله أعلم .

صفة روابة الحـديث

و آذابـها و ما يتعلق بـها ، و هو النوع التاسع و الثلاثون

و قد نقدم بيان كثير من ذلك فى ضمن النوعين و غيرهما كألفاظ الأداء ( وَمَنْ رَوَى) حديثا (مِنْ كُتُبٍ) مصنفة فيه ( وَ ) الحال أنه ( قَدْ عَرِي . حِفْظًا ) لذلك الحديث فضلا عن الكتب (أَوِ) روى منها . الحال أنه ( السَّمَاعَ لَمَّـا ) بتشديد الميم أخت لم الجازمة ( يَذْكُـرِ ) أى بأن .

486-

أَوْ غَابَ أَصْلٌ إِنْ يَكُ التَّغْيِيرُ


يَنْـدُرُ أَوْ أُمِّـيٌّ اْوْ ضَرِيـرُ

487-

يَضْبِطُهُمَا مُعْتَمَـدٌ مَشْهُـورُ


فَكُلَّ هَـذَا جَـوَّزَ الْجُمْهُـورُ

488-

وَمَنْ رَوَى مِنْ غَيْرِ أَصْلِهِ بِأَنْ


يَسْمَعَ فِيهَا الْشَّيْخُ أَوْ يُسْمِعَ: لَنْ

489-

يُجَـوِّزُوهُ ، وَرَأَى أَيُّـوبُ


جَـوَازَهُ وَفَصَّـلَ الْخَطِيـبُ:

490-

إِنْ اطْمَـأَنَّ أَنَّهَـا الْمَسْمُـوعُ


فَإِنْ يُجِـزْهُ يُبَـحِ الْمَجْمُـوعُ

وجد سماعه ، و لكن غير ذاكر سماعه لذلك الحديث . ( أو ) روى حديثا و قد ( غَابَ أَصْلٌ ) أى كتابه عنه ( إِنْ يَكُ التَّغْيِيرُ ) و التبديل ( يَنْـدُرُ) بأن كان الغالب على الظن من أمره سلامته من ذلك ، و لا سيما إذا كان ممن لا يخفى عليه غالبا ( أَوْ ) روى ( أُمِّـيٌّ ) أى جاهل بصير ( اْوْ ضَرِيـرُ ) أى أعمى غير حافظ لما سمعه ، و لكن إن ( يَضْبِطُهُمَا ) أى الأمى و الضرير ( مُعْتَمَـدٌ مَشْهُـورُ ) بأن استعانا به فى ضبط سماعهما و حفظ كتابـهما عن التغيـير ، و احتياطا عند القرائة عليه بحيث يغلب علىالظن السلامة من التغيـير ( فَكُلَّ هَـذَا ) الذى ذكرناه ( جَـوَّزَ الْجُمْهُـورُ ) و صوبه جماعة من المحققين لتوسطه بين الإفراط و التفريط ، قالوا ما ملخصه : شدد قوم فى الرواية فأفرطوا ، و تساهل فيها آخرون ففرطوا ، فمن مذاهب أهل التشديد مذهب من قال : لا حجة إلا فيما رواه الراوى من حفظه و تذكره ، و منها مذهب من أجاز الإعتماد فى الرواية ، غير أنه لو أعار كتابه و أخرجه من يده لم ير الرواية منه لغيبته عنه ، و من مذاهب أهل التساهل ما تقدم ذكره و رده فى وجوه التحمل ، و منها مذهب قوم من أنـهم إذا سمعوا كتبا مصنفة رووها من غير مقابلة بأصول ، فجعلهم الحاكم من المجروحين ، و ممن نسب إليه التساهل ابن لـهيعة فإنه مع جلالته كان الرجل يأتيه بالكتاب فيقول : هذا من حديثك فيحدثه به مقلدا له ، و الصواب ما تقرر عن الجمهور من التوسط ، إذ خير الأمور الوسط ، و ما عداه شطط ، فإذا قام الراوى فى التحمل و المقابلة بما تقدم من الشروط فيهما جازت الرواية من الكتاب ، و إن غاب عنه حيث كان الأغلب على الظن من أمره سلامته من نحو التغيير ، و لا سيما اذا كان ممن لا يخفى عليه التغيير غالبا ، و ذلك لأن الإعتماد فى باب الرواية على غالب الظن ، فإذا حصل أجزأه و لم يشترط مزيد عليه ، و الله أعلم ( وَمَنْ رَوَى ) أى أراد الرواية من نسخة ( مِنْ غَيْرِ أَصْلِهِ بِأَنْ ) لم يكن فيها سماعه و لا هى مقابلة ، و ( يَسْمَعَ فِيهَا) أى النسخة (الْشَّيْخُ) على الشيخ الأعلى ( أَوْ يُسْمِعَ) على الشيخ الذى هو عليه فى نسخة خلافها ، أو كتبت عن شيخه ، و سكنت نفسه إليها (لَنْ . يُجَـوِّزُوهُ ) أى لم يحكموا له بجواز الرواية من تلك النسخة . قال ابن الصلاح : قطع به الامام أبو نصر بن الصباغ ، إذ لا يؤمن أن يكون فيها زوائد ليست فى نسخة سماعه (وَرَأَى) الامام ( أَيُّـوبُ ) بن تميمة السختيانى و محمد ابن بكر البرسانى ( جَـوَازَهُ) ترخيصا فى الرواية ( وَفَصَّـلَ ) الحافظ أبو بكر أحمد بن على بن ثابت (الْخَطِيـبُ) البغدادي حيث قال : الذى يوجبه النظر أنه متى عرف أن هذه الأحاديث هى التى سمعها من الشيخ جاز له أن يرويها عنه (إِنْ اطْمَـأَنَّ) قلبه (أَنَّهَـا) أى تلك الأحاديث . و الأولى ..

491-

مَنْ كَتْبَهُ خِلافَ حِفْظِهِ يَجِـدْ


وَحِفْظَهُ مِنْهَا : الْكِتَابَ يَعْتَمِـدْ

492-

كَذَا مِنَ الشَّيْخِ وَشَكَّ ، وَاعْتَمَدْ


حِفْظًا إِذَا أَيْقَنَ ، وَالْجَمْعُ أَسَدّ

493-

كَمَا إِذَا خَالَفَ ذُو حِفْظٍ وَفِـي


مَنْ يَرْوِى بِالْمَعْنَى خِلافٌ قَدْ قُفِي

494-

فَالأَكْثَرُونَ جَوَّزُوا لِلْعَـارِفِ


ثَالِثُهَـا : يَجُـوزُ بِالْمُـرَادِفِ

أنه بالتذكير هو (الْمَسْمُـوعُ) له منه و سكنت نفسه إلى صحته و السلامة و إلا فلا . قال جمع كالنووى و ابن الصلاح : هذا إذا لم يكن له إجازة عامة عن شيخه لمروياته أو لهذا الكتاب (فَإِنْ يُجِـزْهُ) أى الشيخ التلميذ كذلك (يُبَـحِ) له (الْمَجْمُـوعُ) أى روايته مطلقا ، إذ ليس فيه أكثر من رواية تلك الزيادات بالإجازة ، و له أن يقول حدثنا و أخبرنا من غير بيان للإجازة ، و الأمر فى ذلك يقع مثله في التسامح ، و قد تقدم أنه لا غناء فى كل سماع عن الإجازة ليقع ما سقط فى السماع على وجه السهو و غيره من كلمات أو أكثر مرويا بالإجازة و إن لم يذكر لفظها فإن كان فى النسخة سماع شيخه مثلا فينبغى له حينئذ فى روايته منها أن يكون له إجازة عامة من شيخه و لشيخه مثلها و هكذا . قال ابن الصلاح : و هذا تيسير حسن هدانا الله له و له الحمد ، و الحاجة إليه ماسة فى زماننا جدا ، و الله أعلم . و (مَنْ ) أى الحافظ للحديث الذى (كَتْبَهُ) بإسكان التاء (خِلافَ حِفْظِهِ يَجِـدْ . وَحِفْظَهُ) أى و الحال أن حفظه (مِنْهَا) أى من تلك الكتب فـ(الْكِتَابَ يَعْتَمِـدْ) و يرجع إلى ما فيه عند الرواية لأنه أضبط ، بخلاف الحفظ فإنه خوان ، و (كَذَا) إذا كان حفظه (مِنَ) لسان (الشَّيْخِ وَ) الحال أنه قد (شَكَّ) فى ذلك أو من القرائة عليه (وَاعْتَمَدْ) المحدث (حِفْظًا) أى حفظه للحديث (إِذَا أَيْقَنَ) و لم يتشكك فيه (وَالْجَمْعُ) بين الأمرين فى رواية (أَسَدّ) أى أقوى كأن يقول حفظى كذا و فى كتابى كذا ، هكذا فعله الأئمة كشعبة و غيره ( كَ) أسدية الجمع فيـ(مَا إِذَا خَالَفَـ)ه شخص ( ذُو حِفْظٍ ) و إتقان ، فيقول : حفظى كذا ، و قال فيه فلان ، أو قال فيه غيرى كذا و كذا و نحو ذلك كما فعل سفيان الثورى و غيره ، و تقدم أول المبحث أنه إذا وجد سماعه فى كتابه و لا يذكره جاز له روايته عمد الجمهور . قال فى التقريب : و شرطه أن يكون بـخطه أو بـخط من يثق به ، و الكتاب يغلب على الظن سلامته من التغيير و تسكن إليه ، فإن شك لم يجز و عبر فى غيره كالرافعى عن هذا الشرط بقوله : محفوظا عنده ، و فيه إشعار بعدم الإقتفاء يظن سلامته من التغيير ، و تعقبه البلقينى بأن المعتمد عند العلماء قديما و حديثا العمل بما يوجد من السماع و الإجازة مكتوبا فى الطباق التى غلب على الظن صحتها ، و إن لم يتذكر السماع و لا الإجازة و لم تكن الطبقة محفوظة عنده . قال المصنف : هذا هو الموافق لما هنا ، و قد مشى عليه صاحب الحاوى الصغير فقال ، و يروى بخط المحفوظ ، و لم تكن الطبقة محفوظة عنده ، و الله أعلم . ثم بين الكلام على رواية الحديث بالمعنى فقال (وَ ) ثبت و اشتهر (فِـي . مَنْ يَرْوِى) الحديث (بِالْمَعْنَى) لا بلفظه الوارد (خِلافٌ) بين العلماء (قَدْ قُفِي) أى تبع على أكثر من خمسة أقوال (فَالأَكْثَرُونَ) من السلف و الخلف الفقهاء و غيرهم منهم الأئـمة الأربعة (جَوَّزُوا) ذلك و إن كان الأولى إيراد الحديث بلفظه ..

495-

وَقِيلَ : إِنْ أَوْجَبَ عِلْمًا الْخَبَرْ


وَقِيلَ: إِنْ يَنْسَ،وَقِيلَ: إِنْ ذَكَرْ

496-

وَقِيلَ: فِي الْمَوْقُوفِ وَامْنَعْهُ لَدَى


مُصَنَّـفٍ ، وَمَا بِـهِ تُعُبِّـدَا

دون التصرف فيه (لِلْعَـارِفِ) ولو غير صحابى بمدلولات الألفاظ و موقع الكلام : أى الأغراض و الأحوال الداعية إلى إيراده على وفقها و مقتضاها ، و قد استدل الشافعى لذلك بحديث (( أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرئوا ما تيسر منه )) . قال : و إذا كان الله تعالى برأفته بخلقه أنزل كتابه على سبعة أحرف علمنا منه بأن الحفظ قد يزل لتحل لهم قراءته ، و إن اختلف لفظهم فيه ما لم يكن فى اختلافهم إحالة معنى ، كان ما سوى كتاب الله تعالى أولى أن يجوز فيه اختلاف اللفظ ما لم يخل معناه ، و روى ابن منده و الطبرنى عن عبد الله بن سليمان بن أكيمة الليثى قال (( قلت يا رسول الله إنى أسمع منك الحديث لا أستطيع أن أؤديه كما أسمع منك يزيد أو ينقص حرفا ، فقال : إذا لم تحلوا حراما و لم تحرموا حلالا و أصبتم المعنى فلا بأس )) فذكر ذلك للحسن فقال : لولا هذا ما حدثنا . و استدل بعض الحفاظ عليه بالإجماع على جواز شرح الشريعة للعجم بلسانـهم للعارف به فإذا جاز الابدال بلغة أخرى ، فجوازه باللغة العربية أولى ، و قيل : لا يجوز ذلك مطلقا ، بل تجب الرواية بلفظ الحديث ، و هذا مذهب ابن سرين و ثعلب النحوى و أبى بكر الرازى من الحنفية ، و حكاه ابن السمعانى عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما و أرضاهما ، و إليه مال عياض إذ قال : ينبغى سد باب الرواية بالمعنى لئلا يتسلط من لا يحسن ممن يظن أنه ممن يحسن كما للرواة كثيرا قديما و حديثا . وأجيب بأن الكلام فيمن يحسن و فى المعنى الظاهر لا فيما يختلف فيه على أن الحافظ السخاوى قال : كاد الجواز أن يكون إجماعا و ( ثَالِثُهَـا) أى الأقوال و هو للخطيب البغدادى (يَجُـوزُ) ذلك إذا كان (بِالْمُـرَادِفِ) بأن يؤتى بلفظ بدل مرادفه مع بقاء التركيب ، و موقع الكلام دون ما سواه بأن لم يؤت بلفظ مرادف فيغير الكلام ، فلا يجوز لإنه قد لا يوفى بالمقصود . و عبارة النخبة ، و قيل : إنما يجوز فى المفردات دون المركبات . (وَقِيلَ) يجـوز ذلك .(إِنْ أَوْجَبَ عِلْمًا) أى اعتقاد (الْخَبَرْ) لأن المعول على معناه ، و لا تجب مراعاة اللفظ و إن أوجب عملا لم يجز ، و هذا القول حكاه ابن السمعانى عن بعض أصحابنا ( وَقِيلَ) أى و قال الماوردى من كبار أصحابنا ( إِنْ يَنْسَ ) لفظ الخبر بأن كان يحفظه فنسى لفظه و بقى معناه مرتسما فىذهنه جاز أن يرويه بالمعنى لأنه تحمل اللفظ و المعنى معا ، و قد عجز عن أداء أحدهما ، فيلزم أداء الآخر لمصلحة تحصيل الحكم ، و إن لم ينسه لم يجز أن يورده بغيره . قال بعض المحققين : هذا القول هو الأولى عندى حتى من الأول ، لأن المرء ولو كان فى غاية من الفصاحة و البلاغة لا ينهض إلى التعبير عن ألفاظ من أوتى جوامع الكلم بما يؤدى معانيها أجمع بحيث لا يزيد ولا ينقص ، بل لا يتصور أن يكون مساويا لهذا فى الجلاء و الخفاء لا سيما و هو مفوت للتبرك بألفاظ صاحب الشريعة ، و فاتح لأبواب الشك فى موارد السنة (وَقِيلَ) عكس هذا القول و هو الجواز (إِنْ ذَكَرْ) اللفظ و عدمه إن نسيه ، و عبارة الـزهة . و قيل : إنما يجوز لمن يستحضر اللفظ ليتمكن من التصرف فيه (وَقِيلَ) يجوز (فِي الْمَوْقُوفِ) على الصحابى لا فى المرفوع إليه صلى الله تعالى عليه و سلم ، حكاه ابن الصلاح عن بعضهم ، و روى أيضا عن مالك و الخليل بن أحمد .. -- منهج ذوى النظر

497-

وَقُلْ أَخِيرًا : "أَوْ كَمَا قَالَ" وَمَا


أَشْبَهَهُ ، كَالشَّكِّ فِيمَـا أُبْهِمَـا

498-

وَجَائِزٌ حَذْفُكَ بَعْـضَ الْخَبَـرِ


إِنْ لَمْ يُخِلَّ الْبَاقِي عِنْدَ الأَكْثَرِ

و استدل له بحديث (( رب مبلغ أوعى من سامع )) فإذا رواه بالمعنى فقد أزال عن موضعه معرفة ما فيه . و قيل : إنما يجوز ذلك للصحابة دون غيرهم ، و به جزم أبو بكر بن العربى قال : لأنا لو جوزناه لكل أحد لما كنا على ثقة من الأخذ بالحديث ، و الصحابة اجتمع فيهم أمران : الفصاحة و البلاغة جبلة ، و مشاهدة احوال النبى صلى الله تعالى عليه و سلم و أفعاله ، فأفادتـهم المشاهدة عقل المعنى جملة و إستيفاء المقصد كله (وَ) الخلاف المتقدم كله فيما يتعلق بالدواز و عدمه . و لا شك أن الأولى إيراد الحديث بألفاظه دون التصرف فيه كما أشرت إليه أول المبحث ، و فى غير الذى فى الكتب المصنفة كما قال (امْنَعْهُ) أى ما ذكر من الرواية بالمعنى قطعا (لَدَى) كتاب (مُصَنَّـفٍ) فليس لأحد أن يغير لفظ شىء منه و يثبت بدله فيه لفظا آخر بمعناه ، فإن الرواية بالمعنى ترخص فيها من رخص لما كان عليهم من ضبط الألفاظ من الحرج و النصب ، و ذلك غير موجود فيما إشـتملت عليه بطون الأوراق و الكتب و لأنه إن ملك تغيير اللفظ فليس يملك تغيير تصنيف غيره (وَ) امنعه أيضا فى (مَا) أى الحديث الذى (بِـهِ) أى لفظه (تُعُبِّـدَا) بالبناء للمفعول كالأذان و التشهد و التكبير و التسليم و جميع الأذكار و الأدعية النبوية ، و كذا ما هو من جوامع الكلم نحو (( الخراج من الضمان . العجماء جبار و لا ضرر و لا ضرار . من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )) فلا يجوز تغيير ألفاظها . قيل إجماعا . (وَقُلْ) أيها الراوى للحديث بالمعنى ( أَخِيرًا) أى عقب الحديث ( "أَوْ كَمَا قَالَ") صلى الله تعالى عليه و سلم فى المرفوع ، أو كما قال رضى الله تعالى عنه فى الموقوف (وَمَا . أَشْبَهَهُ) كنحوه و شبهه و غيرهما من الألفاظ ، فقد كان كثير من الصحابة و غيرهم من السلف يفعلون ذلك مع أنـهم أعلم الناس بمعانى الكلام حذرا من الزلل لمعرفتهم بما فى الرواية بالمعنى من الخطر ، فعن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه أنه كان إذا حدث عن رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم ففرغ قال : أو كما قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم ، رواه ابن ماجه و غيره ، و عن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه أنه قال يوما : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم فاغرورقت عيناه و انتفخث أوداجه ، ثم قال أو مثله أو نحوه أو شبيه به ، و عن أبى الدرداء رضى الله تعالى عنه أنه كان إذا حدث عن رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم قال : أو نحوه أو شبهه (كَـ)ما أنك تقول ذلك عند (الشَّكِّ) و التردد (فِيمَـا أُبْهِمَـا) من الحديث ، فإذا اشتبهت عليك لفظة فإنه يحسن أن تقول بعدها على الشك : أو كما قال مثلا . قال ابن الصلاح : و هو الصواب فى مثله ، لأن قوله أو كما قال يتضمن إجازة من الراوى و اذنا فى رواية صوابـها عنه إذا بان ، ثم لا يشترط إفراد ذلك بالإجازة لما بيناه و الله أعلم . ثم بين الخلاف فى اختصار الحديث فقال (وَجَائِزٌ حَذْفُكَ) أيها المحدث حيث كنت عارفا به (بَعْـضَ الْخَبَـرِ) بأن تروى بعـض الخبر الواحد دون بعض لكن محله( إِنْ لَمْ يُخِلَّ) ذلك بـ(الْبَاقِي) بأن كان ما تركه متميزا عما نقله غير متعلق بما رواه بحيث لا يختل البيان و لا تختلف الدلالة فيما نقله ، و هذا (عِنْدَ الأَكْثَرِ) من المحدثين و غيرهم ، و عليه يجوز سواء جوزنا الروايـة بالمعنى أم لا ، رواه قبل تاما أو لا . لأن ذلك بمنزلة خبـرين منفصلين ، و قد روى البيـهقى


499-

وَامْنَعْ لِذِي تُهْمَـةٍ فَإِنْ فَعَـلْ


فَلا يُكَمِّلْ خَوْفَ وَصْفٍ بِخَلَلْ

500-

وَالْخُلْفُ فِي التَّقْطِيعِ فِي التَّصْنِيفِ


يَجْرِي ، وَأَوْلَى مِنْهُ بِالتَّخْفِيفِ

501-

وَاحْذَرْ مِنَ اللَّحْنِ أَوِ التَّصْحِيفِ


خَوْفًا مِنَ التَّبْدِيلِ وَ التَّحْرِيـفِ

عن ابن المبارك أنه قال : علمنا سفيان اختصار الحديث ، و قيل لا يجوز مطلقا بناء على منع الرواية بالمعنى . و قيل : لا يجوز إن قلنا بجواز الرواية بالمعنى إذا لم يكن رواه هو أو غيره بتمامه قبله ، وإن رواه هو مرة أخرى أو غيره بتمامه جاز . و قيل يجوز مطلقا لكن إذا لم يكن المخذوف متعلقا بالمأتى به تعلقا يخل حذفه بالمعنى كالاستثناء و الغاية و الشرط ، فقد حكى الإتفاق على المنع حينئذ . (وَ) ما تقرر إن ارتفعت منـزلته عن التهمة فـ(امْنَعْ) حذف بعض الخبر (لِذِي تُهْمَـةٍ) فى نقله أولا تماما و نقله ناقصا ثانيا و عكسه (فَإِنْ فَعَـلْ) أى المتهم بذلك (فَلا يُكَمِّلْ) و لا ينقص (خَوْفَ) وقوع (وَصْفٍ) عليه (بِخَلَلْ) فى روايته ، فقد ذكر الخطيب أن من روى حديثا على التمام و خاف إن رواه مرة أخرى على النقصان أن يتهم بأنه زاد فى الأولى ما لم يكن سمعه ، أو نسى فى الثانية باقى الحديث لقلة ضبطه و كثرة غلطه ، فواجب عليه أن ينفى هذه التهمة عن نفسه ، و ذكر سليم الرازى أن من روى بعض الخبر تم أراد أن ينقل تمامه و كان ممن بتهم بأنه زاد فى حديثه كان ذلك عذرا له فى ترك الزيادة و كتمانها قال ابن الصلاح : من كان هذا حاله فليس له من الإبتداء أن يروى حديث غير تام إذا كان قد تعين عليه أداء تمامه لأنه إذا رواه أولا ناقصا أخرج باقيه عن حيز الاحتجاج به و دار بين أن لا يرويه أصلا فيضيعه رأسا ، و بين أن يرويه متهما فيضيع ثمرته لسقوط الحجة فيه ، و العلم عند الله تعالى (و َالْخُلْفُ) أى الخلاف الذى ذكرناه آنفا فى اختـصار الحديث (فِي التَّقْطِيعِ) أى تقطيع المصنف متن الحديث الواحد و تفريقه (فِي) أبواب (التَّصْنِيفِ) بحسب الاحتجاج به فى المسائل كل مسئلة على حدة ، و خبر قوله ، و الخلف قوله (يَجْرِي) و به يتعلق الظرف الأول فهو جائز عند الأكثر (وَأَوْلَى مِنْهُ) أى من جواز الاختصار السابق (بِالتَّخْفِيفِ) و التجويز . قال ابن الصلاح : و لا يخلو من كراهة : أى فمن الامام أحمد ينبغى أن لا يفعل . قال النووى : و ما أظنه يوافق عليه أى فقد فعله الأئـمة : مالك و البخارى و أبو داود و النسائى و غبرهم ، هذا . قال السراج البلقينى : يجوز حذف زيادة مشكوك فيها بلا خلاف ، و كان مالك يفعله كثيرا تورعا ، بل كان يقطع إسناد الحديث إذا شك فى وصله . قال : و محل ذلك زيادة لا تعلق للمذكور بـها ، فإن تعلق ذكرها مع الشك ، كحديث (( العرايا خمسة أوسق دون خمسة أوسق )) و أفاد المصنف أنه يجوز فى كتابة الأطراف الاكتفاء ببعض الحديث مطلقا و إن لم يفد ، و الله أعلم (وَاحْذَرْ) أيها المحدث (مِنَ) الوقوع فى (اللَّحْنِ أَوِ التَّصْحِيفِ) فى قراءة الحديث (خَوْفًا مِنَ التَّبْدِيلِ) لكلامه صلى الله تعالى عليه و سلم (وَ التَّحْرِيـفِ) فيه ، فقد أسند ابن الصلاح عن الأصمعى أنه يقول : إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحوى أن يدخل فى جملة قوله صلى الله تعالى عليه و سلم (( من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )) لأنه صلى الله تعالى عليه و سلم لم يكن يلحن ، فمهما رويت عنه و لحنت فيه كذبت عليه ، و قرأ سيبويه عند حماد بن سلمة حديث : رجل رعف ..